ديوان المظالم ووزارة العدل مختلفان، ديوان المظالم يرى أن ثمة نقصا في عدد القضاة يستوجب دعم المحاكم بتعيين المزيد منهم، ووزارة العدل ترى أن عدد القضاة كافٍ والنقص إنما هو نقص في الكوادر الإدارية المساندة للقضاة ولذلك يتوجب دعم المحاكم بتوظيف المزيد منهم. وزارة العدل تؤكد على أن عدد القضاة تجاوز الضعف حسب المعيار الدولي، بينما يتحدث المختصون عن دراسة قضائية كشفت عن عجز تصل نسبته 45% في عدد القضاة في المملكة، وأن هذا النقص يتضح جليا في محاكم المنطقة الشرقية والغربية والوسطى، والأرقام المحايدة توضح أن هناك قاضيا لكل 35 ألف مواطن، ثم تترك بعد ذلك باب الخلاف مفتوحا حول ما إذا كان ذلك النصاب للقاضي والنصيب للمواطن كافيا أم غير كافٍ. والمواطن لا يعنيه شيء من ذلك، وتتساوى لديه أسباب المشكلة، سواء أكانت نقصا في عدد القضاة أو نقصا في الكوادر المساندة، ولا يهمه أن يكون عدد القضاة ضعف المعيار الدولي أو أدنى منه بكثير، ما يهم المواطن هو ألا تتعرض قضاياه في المحاكم للتعطيل والتأجيل والتأخير على نحو يصبح معه طلب الحق تعرضا للباطل، من حيث هو العنت والتعب وتعليق المصالح وتعطيل الأعمال، على نحو يصدق عليه ما يذهب إليه كثير من الناس من أن «المحاكم يومها بسنة». ما يهم المواطن هو أن هناك مشكلة يتفق عليها وحولها ديوان المظالم ووزارة العدل، حتى وإن اختلفوا في تحديد السبب أو الأسباب التي تقف وراء تلك المشكلة. ولعل المشاريع التي تشهدها وزارة العدل والمحاكم التي تؤسسها والتعيينات التي يتم الإعلان عنها واللجوء إلى وسائل التقنية التي تتبعها تمثل طرقا لحل المشكلة، كما تمثل في الوقت نفسه اعترافا بحجمها في جهاز هو من أعرق الأجهزة وأهمها وأولاها بالرعاية والاهتمام. وريثما تكتمل مشاريع وزارة العدل، فإن الوزارة مطالبة بالاستثمار الأمثل لكوادرها وأدواتها الموجودة لحلحلة عقدة المواعيد طويلة الأمد، ما يستدعي الاعتراف بعدم التزام بعض القضاة بمواعيد العمل وحضورهم المتأخر للمحاكم، وهو الأمر الذي يتحدث عنه الناس في السر والعلن، ويضيفون من خلاله سببا جديدا إلى الأسباب التي تجعل يوم المحاكم بسنة.