ليس جديدا الحديث عن البيع والشراء باسم الدين، وكثيرا ما كتبت، وكتب غيري في هذا الجانب، ولم تثمر تلك الكتابات عن شيء، بل تجد هناك من يشير إلى هذه الأفعال بإيجازات مختلفة، وللأسف الشديد تحول الدين عند البعض إلى منبع استثماري لجلب الأموال. وفي كل يوم تنهض تجارة جديدة معتمدة على العاطفة الدينية للناس، وكل يوم ثمة شكل تجاري يتخذ من الدين شعارا له، فهناك عشرات التصرفات التي ينتهجها هؤلاء التجار، والبعض لم يعد يطيق صبرا في أن تصل إليهم بشحمك ولحمك فسلكوا طريق الاتصالات، وعقد اتفاقيات لأن يصلوا عبر الجوال، أو عبر الإرسال على أرقام باسم فلان أو علان لسماع أدعية بصوت أو قراءة القرآن، أو أن تجد رسالة تدعوك لأن تكون رفيق (أبو مشلح) واحصل يوميا على رسالة صوتية أعدها لك خصيصا مع إظهار رسوم الاشتراك الشهري، أو السماع لمرة واحدة . وإن ارتحت من رسائل الجوال تبرع آخرون بإرسال رسائل عن مواقع الرقاة على طول البلد وعرضها مع التسعيرة الواجب عليك دفعها. ومن يشاهد القنوات الفضائية وإعلاناتها التي فاضت هذه الأيام عن أولئك المستخدمين للقرآن في معالجة المسحورين والمعيونين فسوف تكون زبونا قديما تعد من الرعيل الأول لمشاهدة مثل تلك الإعلانات، حيث أضاف الرقاة المعلنون أن بمقدورهم معالجة جميع الأمراض من سرطان، ووباء كبدي، وسكري و(غرغرينا)، وأحد أصحاب هذا الإعلان يحرضك على الاتصال خلال أربع وعشرين ساعة، مع التأكيد على أنه هو من سيرد عليك في ال 24 ساعة!،وهناك معلن آخر (في بلد عربية) يؤكد أن لا حاجة لك بالمجيء إلى بلده، يكفي أن ترسل رسالة (مدفوعة الثمن) وسوف يعالجك عن بعد. ولمعرفة القاصي والداني بحالتنا هذه تجد اتصالات مكررة تدل على أنها اتصالات من خارج البلد فتعاود الاتصال لتسمع رجلا يحدثك بلكنة عربية متداعية معرفا بنفسه أنه (الشيخ محمد)، أو علي أو إبراهيم وقد رأى لك رؤيا بأنك سوف تصاب بالسرطان، وأنه تبرع لوجه الله أن يقرأ عليك مقابل أن ترسل له ثمن بقرة سوف يذبحها على نيتك، ويوزعها على أطفال بلده. وإذا قفزنا الشخوص سوف نجد المنتجات والسلع تلعب على عاطفتك الدينية فهناك الساعة الإسلامية، والجوال الإسلامي، والأزياء الإسلامية، والقنوات الإسلامية . هذا مع استثناء المحاضرات، والبرامج الدينية التي يستلم أصحابها المبالغ المهولة من أجل أن ينفك فم أحدهم ليتحدث فيما قال الله وقال الرسول فإننا نجد أننا نسلك طريقا قديما سلكه قبلنا أهل الكتاب: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون) يحدث هذا من غير أي استنكار لهذه التجارة التي تبيع وتشتري باسم الين، بل على العكس تجد من يؤصل لها من خلال ذكر الأحاديث التي تجيز لهم هذا البيع، وهذا الشراء.