هذه العبارة لست أنا قائلها، وليس شرطاً أن تعبر عن قناعاتي، ولكننا نسمعها كل يوم وفي كل مكان. إن جلست مع مسؤول وزارة التربية والتعليم قال بعد مجموعة من المقدمات الضرورية: ( نعترف أن حال التعليم لا يسر، ولكن بجهود وزارتنا الحثيثة ستتجه الأمور نحو الأفضل، فقد بدأنا مشروعاً .....) وإن جلست مع المعلم قال بعد تنهيدة أو تنهيدتين: ( ما دامت حقوق المعلمين ضائعة فحال التعليم لا يسر). وإن قابلت أعضاء هيئة التدريس في الجامعات قالوا بصوت واحد: ( المخرجات التي تأتينا من التعليم العام حالها لا يسر، ولذلك اضطررنا للسنة التحضيرية!) وإن جالست أولياء الأمور الذين يعلمون أن لهم أبناء في المدارس وجدت نسبة كبيرة غير راضية عن الوضع، ولذلك أصبحت المدارس الأهلية خيار القادرين منهم! وإن تابعت مقاطع اليوتيوب رأيت صفوفاً دراسية تحولت إلى قاعات رقص وغرف نوم وبوجود المعلم أحياناً، وإن استقبلت على جوالك ما يتم تداوله من رسائل وصور ساخرة من مستوى التعليم وصلك ما يضحكك ويبكيك من أوراق إجابات طلاب مصورة من المعلم أو من الطالب نفسه لا فرق، فالجرأة على التصوير بحد ذاتها أمر مخيف ومؤلم، فهذا طالب يجيب على سؤال عن شروط النكاح بأنها (المهر، رضا الزوجين، والطقاقات)، وآخر يجيب على سؤال اذكر عملاً واحداً لكل من السلطان أورخان عثمان ومصطفى كمال أتاتورك بأن (سوا أورخان سواتاً ما تنقال هو ومصطفى كمال)، وإذا كانت هذه الإجابات في مادة شرعية وتاريخ، فماذا سيكون مستوى الإجابات في الفيزياء والكيمياء والرياضيات؟! إن قابلت أعضاء هيئة التدريس في الجامعات قالوا بصوت واحد: ( المخرجات التي تأتينا من التعليم العام حالها لا يسر، ولذلك اضطررنا للسنة التحضيرية!) تقول: حوادث فردية! أقول: وأنا أقول ذلك، ولكن الناس تبني عليها أحكاما وتستنتج والطلاب والمعلمون لا يستغربون ولا يعترضون ولا يتفاجأون، فعلى ماذا يدل هذا؟! إذن نحن نحتاج أن نعرف ( هل حال التعليم يسر أم لا؟)! وهذا يحتاج من الوزارة وإدارات التعليم وضوحاً وشفافية ووضعاً لهذا السؤال على رأس أولوياتها، فالتعليم هو مهمة وزارة التربية والتعليم الكبرى، وهو أهم من قضايا طرحت وانشغل بها وعقدت لها مؤتمرات كالنقل المدرسي والرياضة النسائية التي ستعالج سمنة البنات وغيرها؟! ويجب أن يكون للمعلم دور فعّال في هذه القضية فهو الأساس، وكل نجاح للعملية التعليمية لا يعني إلا أن وراءها معلما ناجحا، كما أن كل فشل قد يعني أن الرواتب التي يأخذها مربي الأجيال ليست حلالاً! لا بد من تدارك الأمر، فإني أرى خلل الرماد وميض نار اليأس والإحباط في قلوب المخلصين.