الأوامر الملكية يوم الجمعة 11 يناير 2013 وضعت المرأة السعودية في مراتب متقدمة مقارنة بدول العالم، فقد جاء حجم المشاركة النسائية في مجلس الشورى متفوقا على الولاياتالمتحدة، وفي المرتبة الأولى مقارنة بالمجالس المشابهة في دول الخليج، وفي المرتبة السادسة عربيا، وكانت القيادة السعودية قد التزمت في الربع الأخير من سنة 2011 باشراك المرأة في مجلس الشورى، وفي الترشح والتصويت على انتخابات المجالس البلدية، وقالت بأن هذا سيبدأ في الدورة المقبلة، وتحول الالتزام إلى حقيقة بعد صدور أمرين ملكيين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله بتخصيص «كوتا» أو حصة ثابتة لمشاركة المرأة في مجلس الشورى، ابتداء من دورته السادسة أو الحالية، وعمر الدورة مثلما نعرف أربع سنوات، وبالتالي، فالدورة الخامسة انتهت أعمالها، إضافة إلى أن الأوامر الملكية قيدت العضوية النسائية بالضوابط الشرعية والحجاب والأماكن المفصولة عن الأعضاء الرجال، بعد مشاورة كبار العلماء، ولم يكن أكثر المتفائلين يتوقع أن يشمل التعيين ثلاثين امرأة من أصل مئة وخمسين عضوا في المجلس، ولو تم الموضوع بالانتخاب وبدون إقرار نسبة لا تقبل التغيير أولا لما سجلت المرأة هذا الحضور الكبير في المجلس، واعتقد وقد أكون مخطئا بأن الانتخاب جزئيا أو كليا وإعطاء المجلس صلاحيات أوسع هو الخطوة القادمة والمنطقية، مع المحافظة على نسبة العشرين في المئة الخاصة بالنساء، وأيضا الانتخاب على الطريقة العربية لا يضمن دائما التصويت للشخص المناسب، وتتقاطع معه مصالح لا علاقة لها بالعمل البرلماني، والشواهد متوفرة لمن يريد. لست في موقع الدفاع عن المرأة أو المطالبة بحقوقها، ولا يجوز بأي حال أن أترافع باسم المرأة، وهناك أسماء نسائية حاضرة ومؤثرة تتكلم باسمها، ومن بين هؤلاء من تم تعيينهن في مجلس الشورى الجديد، ومعظمهن من أصحاب المؤهلات العلمية العالية والخبرة الطويلة والجماهيرية الواسعة، وللأمانة المجلس في دوراته السابقة ناقش قضايا تخص المرأة، وخصوصا في أبواب الأحوال الشخصية والبطالة وقيادة السيارة وغيرها، وكانت المرأة تستشار فقط ولا يؤخذ برأيها في الرفض أو القبول، والذي تغير أن العضوية الكاملة تعطيها الحق في التصويت على قرارات المجلس وترأس اللجان، وفي أبواب حساسة كالسياسة العامة للدولة وخطط التنمية وتقارير الوزارات السنوية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية أو الإقليمية، وربما شكلت عاملا مرجحا في التصويت وفي مناقشة المسكوت عنه أو المؤجل لأسباب رجالية خالصة، والقوانين المقرة من مجلس الشورى يوافق عليها مجلس الوزراء وبلا تحفظات في الغالب، ما يعنى أن دور المجلس أقرب إلى التشريع من الاستشارة. دخول المرأة إلى قبة الشورى من الباب الأمامي وليس الأبواب الخلفية، كما جرت العادة، يمثل نقلة نوعية في وزنها وقيمتها داخل المجتمع السعودي، وفيه تكريس لمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة، ولا أبالغ لو قلت بأن القرار أخرج المرأة من المعادلة الظالمة ومتلازمة السرير والأمومة، ومن اعتبارها مواطنا أقل درجة وماكينة غواية متحركة، وقفز بها ولأول مرة في تاريخ الدولة السعودية الحديثة، من مهام التمريض والتدريس والغرف المغلقة إلى المشاركة عمليا في صناعة القرار السياسي، وقبل هذا شاركت المرأة السعودية في الأممالمتحدة، وفي العمل الدبلوماسي، وفي الأندية الطلابية في أمريكا وبريطانيا، وحققت نجاحات علمية ضخمة تفوقت فيها على زميلها الرجل، وأهلتها هذه النجاحات لجوائز من جهات لا تجامل أحدا في تقديرها للإنجاز. في رأيي، القيادة السعودية بدأت ربيعا مختلفا، بمواصفات محلية تناسب الزمان والمكان وأحوال الناس، وأخمن أن سنة 2013 وما بعدها تحمل مفاجآت جميلة للسعوديين والسعوديات.