اتصل بي قبل سنوات قليلة شخص متحمس. لا اعرف كيف وصل إلى رقم جوالي. بعد التحايا قال ممكن أن أناقشك في كتاباتك. فسألته من انت؟ فقال أنا فاعل خير. فقلت أنا لا ادخل في نقاش مع فاعل خير، فقال الا تؤمن بحرية الرأي؟ فقلت: بصراحة لا أؤمن بحرية الرأي. فقال، بحدة، اجل كلامك عن حرية الرأي في الجرائد كله خراط. فقلت تقدر تسميه فقال انتم مسيطرين على الجرائد ما تسمحون بحرية الرأي لغيركم.. فقلت: حنا يا أخي سيطرنا على الجرائد ونتكلم على كيفنا وما راح نسمح لأحد يشاركنا وخاصة امثالك. قذفني ببعض الشتائم الخفيفة وقفل الخط .لا يدرك هذا الرجل أي معنى لحرية الرأي. يقتحم علي جوالي ويريد أن يناقشني حتى دون أن يفصح عن اسمه. جوالي مثل منزلي يخصني وحدي. أضع قوانينه التي تتفق مع مبادئي واخلاقي وطريقتي ووقتي ونوع الصوت الذي يمتعني. اقرر من يكلمني ومن ارفض مكالمته. اغير الجهاز ابدل الرقم احمّله صوراً .. قصائد .. الخ. ملكي الشخصي لا علاقة له بحرية الرأي. حرز في غاية الخصوصية (مع ان الهيئة لا تعترف بذلك). الشيء الثاني في هذه المحادثة السريعة أن الأخ لا يعرف ما تعنيه حرية الرأي على وسائل الإعلام. يظن ككثير من البسطاء أن على الجريدة أن تسمح بنشر وجهة النظر ووجهة النظر المضادة. يخلطون بين حرية الرأي والرد. من واجب الجريدة قانوناً أن تفسح المجال للرد إذا تعلق الأمر بقضية شخصية او خلط في المعلومات. اما الأمور العامة فلا يفترض في الجريدة أن تسمح للطرف الآخر ان يقول رأياً مخالفاً لتوجهها. الجريدة ليست ملزمة أن تسمح للرأي الآخر بالتعبير عن نفسه على صفحاتها. لكل رأي موقعه الذي يعبر فيه صاحبه عن نفسه. لا احد يفتح جريدة للرأي والرأي المخالف. كل حزب أو فرد أو جماعة أو توجه يؤسسون وسيلتهم الإعلامية التي تعبر عن رأيهم وتسوق له وتزينه أمام الناس. أتاح الإعلام الجديد شيئاً كثيراً من هذا. القنوات الفضائية افضل نموذج يفصح عن ذلك. تستطيع أن تتفرج أنت وعائلتك على المجد أو على ال الام. بي. سي. هذه توجه وهذه توجه. فمن يؤمن أن أكثرية المجتمع السعودي ترفض الأغاني والمسلسلات وخروج المرأة فيجب أن يفرح فالأغلبية الكاسحة من الشعب السعودي ولله الحمد متسمرة عند قناة المجد لأنها لا(تصادم ثوابت المجتمع)، والام. بي. سي لا يتفرج عليها سوى لفيف من الليبراليين يعدون على الأصابع (يرفضهم المجتمع). حرية الرأي أن تضع أمام الناس وبين أيديهم كل شيء وتدعهم يختارون، فالذي لا يجد في جريدة الرياض أو قناة الام. بي. سي. ما يسره لا أحد في الدنيا سيلزمه بمتابعتها. ثمة جرائد أخرى وقنوات أخرى ومواقع لا حصر لها على النت. إذا كانت الجرائد لم تسمح لهؤلاء بالتعبير عن رأيهم فأمريكا ما قصرت، سمحت حتى لعتاة شيوخ التشدد بالتعبير عن آرائهم بما في ذلك شتم أمريكا نفسها. أنصح إخواني المتشددين ترك التشدق بحرية الرأي والتباكي عليها.. حرية الرأي لا تسمح لطرف بأن يصنع المبادئ أو يفرض مبادئه التي يراها صحيحة أو مطلقة ليعتمدها الآخر صاغراً أو تحت أي تهديد. هذا لا يسمى حرية رأي هذا يسميه الأولون صفق هوا..