في السابق كان الصحويون هم أرباب الحملات ومحرضو الجموع لرفض توجه ما معتمدين على نشاط المنابر، ومستخدمين البرقيات والزيارات الجماعية المتوالية للمسؤولين لإيهامهم أن الموقف ضد القرار يمثل جميع شرائح المجتمع. طوال العقود لم يكن في الساحة سواهم ولم يكن أحد يظن أن يظهر غيرهم فلم تستطع أي فئة أخرى أن تشكل قدرة على الحشد وأن تؤثر على الرأي العام إلى أن كشر التجار عن أنيابهم في مواجهة وزارة العمل بعد قرارها رفع الرسوم على العمالة فأعلنوا سطوة كامنة تتضاءل دونها كل هيمنة الصحوة السابقة إن لم تبدُ أقرب إلى لهو أطفال رغم احتشادها بكل مخزون التهديدات المعنوية والجسدية دنيا وآخرة. يوماً بعد آخر يتسع استعراض التجار من جميع المناطق، ويعلنون تعاليهم على الوزارة ويحشدون ضدها كل المؤسسات بما في ذلك السياسية والدينية، ثم يزداد عنفهم ليصل الشارع محذراً إياه أنه الوحيد الذي سيتحمل الكلفة كاملة إن مضت الوزارة في إعلانها والتزمت به. يتحدى التجار الحكومة أجمع وليس الوزارة فقط لأنهم يطالبون الحكومة أن تضبط وزارتها العابثة -برأيهم- ويؤكدون أنهم لن يتحركوا ضد القرار بل سيدفعون المستهلك للقيام بذلك لأنه آخر محطاتهم والسلسلة الطيعة في أيديهم. التجار يهددون، بشكل غير مباشر، بالثورة وصناعتها ويبدو أنهم متيقنون من الفوز سواء تراجعت الوزارة أو تمسكت بإعلانها إلا أن الإصرار على رفع الرسوم ستكون ثماره فتنة تفوق الوزارة حجماً ودوراً. معارضة التجار تكشف حجم قوتهم فمن يستطيع ضبط إيقاعهم لأن انتصارهم سيجعل منهم ديكتاتورية لا ترحم؟