خالد السهيل يغضب البعض عندما يتم الحديث عن أزمة أخلاقية يواجهها المجتمع. يتصور أن الحديث عن هذا الجانب يختص بالأعراض. هذه جزئية ضئيلة من منظومة الأخلاق التي تتعرض للتآكل، بفعل عوامل عدة بعضها خارجي ولكن جزءا كبيرا منها نابع من المجتمع نفسه. وهذا الأمر لا يختص به مجتمع دون آخر، فهو ظاهرة إنسانية، يتم التعاطي مع نتائجها من خلال القوانين الحازمة. الأخلاق هي البوصلة التي يتم من خلالها توجيه ردود أفعال الإنسان تجاه مواقف عدة اجتماعية وإنسانية واقتصادية وسياسية وثقافية وغذائية .. إلخ. ولا يمكن لإنسان أن يزعم أن هناك فصلا بين هذه المنظومة وردود أفعاله. المضمون الشكلي للإنسان لا يمكن أن يعطيك سوى مؤشرات بسيطة قد تصدق وقد تخيب. أنت ترى إنسانا تبدو عليه سمات الصلاح، فتتفاءل وتتمنى أن يتكامل المظهر مع الجوهر. لكن كما هو الحال في أغلفة الكتب، لا يمكن التعويل على عناوينها في الحكم على عمق أو ضحالة محتواها. هذا الخداع الذي يتعرض له المجتمع بمؤسساته الحكومية والخاصة، وبهيئاته المدنية والمجتمعية، هو نتاج اختلال لدى البعض في منظومة الأخلاق. ومن هنا يمكن تلمس مظاهرها: سواء من خلال فوضى مرورية يتشارك في مسؤوليتها الإنسان البسيط ورجل المرور والبلدية التي خططت الشارع. أو من خلال صور نمطية وسلوكية سلبية أخرى تسعى الدولة والمجتمع إلى إقامة الحواجز لصدها، ومن ذلك الرشا والفساد بأشكاله المختلفة، والتسيب الوظيفي أو البطالة المقنعة، وسوء التخطيط، والواسطة الضارة. كل هذه المظاهر ترتبط بأزمة أخلاق. ومع ذلك، لا أحد يتقبل أن تتهمه في أخلاقه، مع أنه يعترف بأخطائه التي أشرنا إليها سابقا. الأخلاق عند البعض - وهذا مفهوم خاطئ - مقصورعلى ما بين السرة والركبة. هذا المفهوم القاصر يلخص لماذا يتعاطى المجتمع مع سرقة أموال الدولة - مثلا - باعتبارها شطارة.