كان قد التبس على البعض ما قام به الشيخان «سلمان العودة، ومحمد العريفي» في الحج الماضي، إذ كانا يتنافسان على نقل تحركاتهما في مكةالمكرمة على موقعيهما في «الفيس بوك وتويتر»، وأيهما يجعل متابعته أكثر تشويقا ومتعة وتسلية، وإن بدا في نهاية المطاف أن الشيخ «سلمان العودة» كان أنجح من الشيخ «العريفي» في تسويق حجته إذ سلطت الأضواء عليه أكثر، وأجبر «واشنطن بوست» على نشر صورته بعد أن ابتكر فكرة ركوب «دباب» بالحج والتي فاتت على الشيخ «العريفي» راكب الجمس، الذي اكتفى بالكتابة فتورط كثيرا . وكان قد سألني أحد الأصدقاء مندهشا مما يحدث بين الشيخين من تنافس حاد ويومي في نقل تحركاتهما و«سواليفهما» وحتى ركوب أحدهما «دباب»: ما الذي حدث ليتحول الركن الخامس للدعاية والإعلان؟ الحق يقال: لا أعرف أسباب هذه الدهشة من صديقي والبعض، ربما هم خارج العالم المعاش والذي تغلغت في عقول سكانه ثقافة الاستهلاك، وأصبح الغالبية يؤمنون بهذه الثقافة التي جعلت كل شيء سلعة قابلة للاستخدام، حتى الإنسان ومثل أي منتج آخر يرمى بعد الاستخدام، أو يركن كمنتج قديم إن لم يعمل على تسويق نفسه من جديد. وربما آخر من استسلم لثقافة الاستهلاك «المنتجات الألمانية» والتي كانت شركاتها ترصد 80 في المئة من الميزانية لتطوير منتجاتها و20 في المئة للتسويق، قبل أن تعيد الشركات الألمانية حساباتها وتجاري العصر، وتعكس النسبة لمصلحة التسويق كما يفعل البقية. وهكذا فعل الشيخان وواكبا عصر «ثقافة الاستهلاك»، ولم يعتمدا مثل البقية على الاختفاء وهما يتعبدان حتى لا يعودان من الحج فيجدان جماهيرهما وبسبب الملل بحثا عن منتج آخر، فتذهب العقود أو تخفض وهذه تجارتهما التي يعملان بها وعليهما الحفاظ على رزقهما. قلت لصديقي: عليك أن تتابع ما يحدث بين شركات «الهواتف» وتلك الحرب فيما بينها لإخراج كل ثلاثة أشهر منتج جديد تم تطوير أو تغيير شكله، خوفا من أن تنفض عنهم الجماهير فيذهبون إلى شركة أخرى. قلت أيضا: عليك ألا تفاجأ في الحج المقبل إن هبط أحد الشيخين من الفضاء «كفيلكس» فهو بالتأكيد سيضرب الآخر في تسويق نفسه كما فعل «العودة» بالدباب وسيتابع قفزته أكثر من مليار بصفته عالم دين هبط من السماء.