بالرغم من قناعتي الشخصية بأن ظروف تشكيل وزارة «نجيب ميقاتي» في لبنان لم تكن طبيعية.. وبالتالي عجزها عن تحقيق التوازن المطلوب في لبنان بحكم الصيغة التي تكونت منها.. بالرغم من ذلك.. إلا أنني – ولأول مرة – أختلف مع طريقة تعامل مجموعة (14 آذار) مع مقتل الشهيد «وسام الحسن».. وتوظيفها ضد رئيس الوزراء الحالي «ميقاتي» ومطالبته بالاستقالة.. وكأن الوزارة هي القضية.. وليست القضية هي تواصل جرائم القتل والاغتيال التي استهدفت هذه المجموعة دون سواها.. وهي جرائم لا يملك اللبنانيون إلا التعاطف معها.. وتشديد الخناق حول رقبة مجموعة (8 آذار) المتهمة بالوقوف وراء هذه العمليات. ذلك أن الخطب كان فادحاً.. والموقف الذي كان يجب التعبير عنه هو.. كيفية حماية لبنان.. وزعاماته مع هذا المسلسل الدامي.. واللاإنساني الخطير .. وكيف نستثمره للدعوة إلى تعزيز سلطة الدولة وليس إضعافها.. صحيح أن الوزارة ورئاسة الوزارة تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية الاغتيال.. لكن الأكثر صحة هو.. أن لبنان أكبر من الجميع وأمن وسلامة كل اللبنانيين.. وسلامة الوطن اللبناني هو الذي كان يتوجب أن يحشد الجميع قواهم لصيانته والدفاع عنه. بدلاً من الوقوع في أخطاء سياسية بالغة السوء في لحظات الاندفاع والحماس العاطفي الذي دعا البعض إلى مخاطبة حضور حفل تأبين الشهيد «وسام» إلى التوجه إلى السرايا يوم أمس الأول.. وهو المشهد الذي رفضه رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري.. وطالب فيه اللبنانيين المحسوبين على تكتله إلى الانسحاب الفوري من أمام السرايا والوقوف إلى جانب الدولة اللبنانية.. وليس الدخول في مواجهة معها. هذا الموقف يحسب للحريري تماماً.. وإن كان عليه أن يحاسب كل من ارتكب الخطأ من كتلته أياً كان وزنه وقيمته.. لأن هذه المحاسبة من شأنها أن تفوت على مجموعة ( 8 آذار) استغلال هذا التصرف.. لا سيما وأنها متهمة بالسعي إلى الهيمنة على لبنان.. وليس فقط على الوزارة اللبنانية فقط.. وأنها هي تسير دفة إدارة البلاد وتلغي دور الدولة اللبنانية.. لكن خطأ فادحاً كهذا الذي حدث أعطى تكتل (8 آذار) ورقة سوف يلعبها بطريقته الخاصة.. والضحية في النهاية هي لبنان. وهكذا تدفع بعض الأوطان نتيجة أخطاء بعض قياداتها السياسية والفكرية أثماناً غالية.. مما يؤكد الحاجة الماسة إلى العودة إلى الرشد.. وإعادة ضبط الأمور.. والبعد عن المزايدات السياسية.. واستخدام الشعوب وتوظيف مشاعرها لخدمة حملات انتخابية أو حسابات ضيقة.. ولتذهب الأوطان إلى الجحيم.