اتشح لبنان امس بالسواد، وشيع شهيديه اللواء وسام الحسن ورفيقه المؤهل أحمد صهيوني وسط حشود شعبية ورسمية كثيفة في مبنى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وساحة الشهداء أمام مسجد محمد الأمين ليوارا الثرى إلى جانب ضريح رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري. إلا أن هذا اليوم المشؤوم تحوّل الى انتفاضة شعبية من مناصري قوى 14 آذار الذين توجهوا بعد مراسم الدفن الى السرايا الحكومة لاقتحامها للمطالبة برحيل الرئيس نجيب ميقاتي من منصبه في رئاسة الحكومة لاعتبارهم أنه يغطى كل الجرائم التي حصلت في حكمه وآخرها اغتيال اللواء الحسن، إلا أن فورة غضب المتظاهرين دفعتهم الى الهجوم على قوى أمن السرايا وحصلت مواجهة عنيفة بين الفريقين، مما استدعى الرئيس سعد الحريري الى التدخل هاتفياً والطلب من المناصريين بالتراجع والعودة الى منازلهم. مديرية الأمن الداخلي بدأت مراسم التشييع في ثكنة المقر العام للمديرية العامة لقوى الامن الداخلي بحضور رئيسي الجمهورية والحكومة ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جان قهوجي وعدد كبير من الوزراء والنواب وعائلة الشهيدين وصلت الى الثكنة سيارتا اسعاف لقوى الامن الداخلي تحملان جثماني الشهيدين ملفوفين بالعلم اللبناني. وعزفت موسيقى التعظيم ونشيد الموت ولازمة النشيد الوطني اللبناني، بعدها أدى المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي التحية للنعشين، وقال في كلمته: انت يا وسام مدرسة في العمل الوطني، الرجال الذين درستهم وأشرفت على رعايتهم سيتابعون المسيرة، لقد وثق اللبنانيون بك وبأخلاقك وقد حققت نتائج باهرة منذ مواكبتك في المحكمة الدولية وكشفت عددا كبيرا من شبكات التجسس للعدو، والشبكات الارهابية وآخرها ضبط 24 متفجرة كانت ستقتل الابرياء. كنت للوطن، ولابناء كل الوطن، انت بن عائلة. لقد ارتضيت الشهادة ليسهر الآخرون. وعن المؤهل صهيوني قال: «لقد كان كبيرا في حياته وفي استشهاده ابن بلدة البيرة- عكار التي اعطت الوطن الكثير». وتابع متوجها الى الشهيد الحسن: «قبل فترة وقفنا هنا في الساحة، لوداع وسام عيد، وها نحن اليوم نفخر بوداعك وسام». قال السنيورة: ايها اللبنانيون ليكن واضحا وجليا وسنقولها بصراحة لا حوار على دم الشهداء ولا حوار على دماء اللبنانيين. هذه الحكومة هي المسؤولة عن جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ورفاقه الشهداء ولذا فلترحل اذا هذه الحكومة.أما الرئيس سليمان فقال في كلمته: «أرى هذه المؤسسة تعاقب باغتيال رئيسها اللواء الشهيد. فرع المعلومات نجح بقيادة رئيسه الى كشف شبكات العملاء والتجسس والارهاب ومنع الاذى والفتنة الكبيرة المحضرة عبر ضبط المتفجرات وكأن هذه المؤامرة استطاع الحسن تعطيلها وافتداها بروحه ودمائه. نعتز جميعنا باللواء الشهيد هذا الاغتيال موجه ضد الدولة اللبنانية والشهادة تدعونا الى التكاتف والتعاون على مستوى الشعب والمؤسسات واعني تحديدا المؤسسة السياسة والامنية فالقضاء ان يكن مدعوما من السياسة لا يستطيع القيام بفعله كذلك الامن». اضاف: «اقول للامن احزم واقدم فالشعب معك كذلك للقضاء واقول للسياسة والحكومة والمرجعيات السياسية لا تأمنوا القضاء للمرتكب اشعروا رجل الامن والقاضي انه مغطى فعليا وهذا واجب علينا. اعملوا على كشف الجرائم. كفى. رفيق الحريري ومن تلاه ومحاولات اغتيال وسام عيد فرنسوا الحاج ومحاولات الاغتيال الاخيرة ادعو القضاء الى الاستعجال بالاسراع بالقرار الاتهامي في قضية ميشال سماحة كذلك في قضية نهر البارد». بعدها، منح رئيس الجمهورية اللواء الشهيد الحسن وسام الارز الوطني من رتبة ضابط اكبر. جامع محمد الأمين وأمام مسجد محمد الأمين في ساحة الشهداء كان الآلاف ينتظرون جثماني الشهيدين ليوارا الثرى الى جانب ضريح الرئيس الحريري، حيث أمّ مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار صلاة الميت على الحسن وصهيوني بمشاركة كثيفة من السياسيين والسفراء والمواطنيين. ورأى المفتي الشعار في كلمة بعد الصلاة، انه «شأن الابطال ان يستشهدوا من اجل دولتهم»، معتبرا انه «جدير بك يا وسام أن تكون تاجا على رؤوس الأبرار وأن تكون على صدر جمهورية لبنان. أفنيت شبابك وحياتك من أجل بلدك وشعبك وأهلك وإخوانك». ولفت الى انه «لا بد من وقفة لمخاطبة الظالمين. ماذا يريدون بعدما ذهب الرئيس الشهيد رفيق الحريري والسلسلة الكبيرة من الشهداء؟ ماذا يريدون باغتيالك يا وسام؟ أيريدون اغتيال الحريري مرة ثانية وخراب البلاد؟ أيريدون خراب لبنان». واتهم الاف المشاركين في الجنازة في وسط بيروت سوريا بالتورط في قتله وطالبوا باستقالة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي. وانتشر أفراد مسلحون من الجيش والشرطة في الوقت الذي تدفق فيه الناس على ساحة الشهداء في وسط بيروت. وحمل الكثيرون راية حزب المستقبل المعارض في حين حمل اخرون الاعلام اللبنانية لكن شوهدت أيضا أعلام المعارضة السورية. وكتب على احدى اللافتات (ارحل ارحل يا نجيب) في تكرار للشعارات التي استخدمت خلال انتفاضات الربيع العربي. وسام الأرز وحث الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان المرجعيات السياسية في بلاده إلى عدم التستر والتغطية على مرتكبي أعمال العنف ومحاولات الاغتيال التي شهدها لبنان منذ مقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. ورأى سليمان في كلمة مقتضبة خلال مراسم تشييع اللواء وسام الحسن وضحايا عملية الاغتيال التي استهدفته أن المؤسسة الأمنية تعاقب باغتيال الحسن لأن فرع المعلومات، الذي كان يقوده، نجح في كشف شبكات إرهاب وتجسس ونجح في ضبط كميات من المتفجرات. وحث سليمان الشعب اللبناني على التكاتف، وأعرب عن عميق مشاعر الحزن والألم لذوي الضحايا. وأعلن سليمان منح وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر للحسن وقام بوضع الوسام على نعشه. الرحيل قبل الحوار وقال رئيس وزراء لبنان الاسبق فؤاد السنيورة المناهض لسوريا في مراسم التشييع ان المعارضة اللبنانية ترفض الحوار قبل رحيل حكومة نجيب ميقاتي. وقال السنيورة: ايها اللبنانيون ليكن واضحا وجليا وسنقولها بصراحة لا حوار على دم الشهداء ولا حوار على دماء اللبنانيين. هذه الحكومة هي المسؤولة عن جريمة اغتيال اللواء الشهيد وسام الحسن ورفاقه الشهداء ولذا فلترحل اذا هذه الحكومة. الانتفاض على القتل وقال النائب احمد فتفت من كتلة تيار المستقبل لوكالة فرانس برس: «ذهبنا لنودع وسام الحسن، لكننا لا نريد ان نكون مضطرين لوداع البلد». واضاف: «ذهبنا لننتفض على منطق القتل والغاء الآخر والتدمير الاقتصادي. نريد دولة حقيقية ولن نقبل بانصاف حلول تحت ترهيب السلاح». وتابع: «نريد ان ننقذ ما انجزناه في 2005، لان الحكومة الحالية وخصوصا حزب الله يقومون بتدمير هذه الانجازات: سياسيا واقتصاديا وامنيا عبر محاولة اعادة بشار الاسد الى لبنان». وقال فتفت: «نريد تكريس مفهوم الدولة»، مشيرا الى ان الهدف من التجمع «قطع الطريق امام سوريا حتى لا تعود بقوة واخراج الايراني من لبنان». وقالت الطالبة الجامعية منال شرقاوي التي وصلت الى ساحة الشهداء لفرانس برس «هذا اليوم يشبه تماما اليوم الذي استشهد فيه الرئيس الحريري. صحيح ان السوريين انسحبوا، لكن هناك لبنانيون يعملون لصالح سوريا. الحكومة مسؤولة عما يحصل، ونريدهم جميعا ان يرحلوا». حزب الله يرفض وتناولت مصادر متعددة معارضة وزراء «حزب الله» وحلفائه في الحكومة لإحالة قضية اغتيال الحسن إلى المحكمة الدولية، إضافة إلى ممانعتهم بداية تحويل «داتا» المعلومات الى التحقيق. فابيوس: سوريا متورطة من جهته، اشار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس الى تورط «محتمل» لدمشق في اعتداء السيارة المفخخة الذي قتل فيه الجمعة في بيروت رئيس فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي اللبنانية العميد وسام الحسن الذي يعد خصما للنظام السوري. وقال فابيوس لمحطة اوروبا-1 «هذا محتمل (...) نحن لا نعرف بعد من يقف وراءه (الاعتداء) لكن كل شىء يشير الى محاولة توسيع المأساة السورية»، متهما الرئيس السوري بشار الاسد «بمحاولة توسيع دائرة الازمة» الى الدول المجاورة لسوريا. واضاف فابيوس: «اود ان اقول اننا ندين بكل الاوجه هذا الاعتداء المروع ونتضامن مع الشعب اللبناني ومع حكومته وفكر في الرئيس (ميشيل) سليمان ورئيس الوزراء (نجيب) ميقاتي». وقتل ثلاثة اشخاص، بينهم العميد الحسن وسائقه واصيب 126 في اعتداء الجمعة في بيروت عن طريق سيارة مفخخة مليئة بالقنابل، وفق تقرير نهائي. وقال فابيوس: «اعتقد ان هذا بالتاكيد امتداد لما يحدث في سوريا، وهو ما يجعل رحيل بشار الاسد اكثر ضرورة». واضاف: ان «مصلحة بشار الاسد حاليا هي نقل عدوى الازمة لتركيا والاردن ولبنان». واشار فابيوس ايضا الى وجود حزب الله الشيعي في الازمة السورية. وقال: ان «حزب الله موجود في الحكومة اللبنانية ولم يلاحظ له حضور في الصراع السوري لكن منذ أيام قليلة هناك وجود لمقاتلي حزب الله في الصراع، كذلك الطائرة بدون طيار التي تم ارسالها الى اسرائيل». وتابع فابيوس: «يبدو ان هناك ارادة من حزب الله ومن ايران لاثبات وجودهم بشكل واضح بجانب نظام دمشق، لكننا لا يمكن ان نوافق على ذلك».