رغم كل ما يجري من مجازر وحشية فان الغرب لا يرغب بإسقاط نظام الأسد في سوريا لاعتبارات عدة أهمها : أ الخشية من تولي الاسلاميين لمقاليد الحكم فيها خصوصاً بعد النتائج الاولية في مصر ، مما يعني وقوع إسرائيل بين فكي كماشة. من هنا فان الغرب لن يتدخل لإسقاط الأسد إلا إذا أحس أن النظام سينهار وأن الثورة ستنتصر ، عندها سيتدخل الغرب لحماية حدود إسرائيل ، ولضبط العملية السياسية وتنصيب من يثق الغرب بولائه . وإذا صمد النظام السوري ، فإن الغرب سيحاول الإبقاء عليه ضمن شروط تضمن تحقيق مصالح الغرب وإسرائيل خصوصا فيما يتعلق بعلاقات سوريا مع حزب الله وإيران . لقد أسقط الغرب نظام البعث في العراق ليس كرها في صدام حسين بقدر ما هي رغبة صهيونية بالتخلص من مقدرات العراق العلمية والثقافية والاقتصادية والعقول البشرية بعد أن كان العراق مصدر التهديد الأول لإسرائيل . اليوم ويعد المشهد التونسي والمصري والليبي واليمني ونتائج الانتخابات المغاربية والمصرية التي أتت بالإسلاميين لسدة الحكم، جعل "بعبع " الإسلاميين في سوريا يوحي بأن الديمقراطيات العربية على الطريقة الغربية لن تخدم أمريكا والغرب أبدا. ب من العوامل التي ستجعل الغرب يفكر ألف مرة قبل إسقاط نظام الحكم الاسدي يتمثل في أن إيران لن تفرط في نظام الحكم في سوريا "أبدا" حيث أن انهيار نظام الحكم يعني انهيار حزب الله وبالتالي انتهاء قميص عثمان في منتطقتنا بالنسبة لإيران، ونضيف إلى ذلك أن انتهاء سوريا وحزب الله يعني "تفرد" الغرب بإيران لتصفية حسابات قديمة وهذا أمر في محل مقتل بالنسبة لإيران. أما حزب الله فسيكون رهان المرحلة المقبلة حيث من المتوقع أن يضغط الغرب لأجل تحجيم قدرات وسطوة حزب الله مقابل الإبقاء على نظام الأسد مع إجراء إصلاحات جوهرية تخفف من قبضة وسيطرة حزب البعث بشكل كبير . خلاصة القول أن تغيير نظام الأسد في سوريا لن يكون مصلحة غربية، لكن الضغط على نظام الأسد لأجل إصلاحات جوهرية" وتحجيم لا قطع "علاقاتها بحزب الله وإيران سيكون عنوان المرحلة القادمة . ج ومن الأسباب : الخشية من انتقال الأسلحة الروسية المتطورة إلى الثوار ، فالرئيس السوري استغل العام الماضي في تحديث قدراته الهجومية الجوية والبحرية وفق أحدث الأنظمة العسكرية الروسية، وذلك حسب تقرير لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي. أوضحت الواشنطن بوست أن روسيا دعمت الأسد بصواريخ مضادة للطائرات وبأخرى متوسطة المدى خفيفة الوزن متحركة محمولة على آليات، مما يجعلها أهدافا صعبة أمام الطائرات المقاتلة، كما زودت موسكو حديثا نظام الأسد بمقاتلات متطورة من طراز “ميغ 29″ وبأنها زودت سوريا سنويا منذ عام 2007 بمئات الدبابات من طراز “تي 72″، وأن المعارضة صورت هذا النوع من الدبابات أثناء هجومها على مدينة حمص مؤخرا.كما دعمت موسكودمشق بصواريخ أخرى مضادة للطائرات العام الماضي، بما فيها صواريخ من طراز"40 إس أي 17″ وغير ذلك من أنظمة الصواريخ الأخرى.(نقلا عن الجزيرة نت) . د خطوة طرد السفراء رمزية ، وجاءت لحفظ ماء وجه الحكومات الغربية أمام شعوبها ، ولامتصاص امتعاض هذه الشعوب من مجزرة الحولة الوحشية . إن طرد السفراء خطوة عقيمة ولكنها لا توقف القتل والمجازر. لأن أوباما منشغل بحملته الانتخابية ولا يريد تدخلاً عسكرياً، ولأن فرنسا تسحب قواتها من افغانستان ولا تريد تدخلاً عسكرياً آخر؟ ه ماذا تريد روسيا؟ . روسيا تريد أن يكون لها الكلمة في سورية المستقبل، سورية ما بعد الثورة؟ أن تحافظ على قاعدتها العسكرية في طرطوس وتُفهم العالم أنها لن تُذَل كما حصل في ليبيا، عندما تم هجوم الناتو على ليبيا ثم توسَّعَ إلى تدخل عسكري؟ ولن تذل أيضاً في جورجيا، كما حصل عندما تدخلت الدول للتصدي لهيمنة روسيا على جورجيا وأوكرانيا. لكن من الصعب على الرئيس الروسي أن تكون له كلمة في مستقبل سورية في إطار الحرب الأهلية. ربما روسيا تتمنى تقسيم سورية، ولكن ماذا يبقى من تأثير لروسيا في دولة مقسّمة؟.