انباؤكم - رقية القضاة يرتحل الزائر الطيّب برحماته وعطاءاته ،وليالي طاعاته‘ وآفاقه المشرعة أبوابها للمستغفرين الأوابين، وابتهالات الارواح المثقلة تنادي وتناجي وترجو ،وفيض الندى والجود الرباني يتوالى ،غيمة قطر إثر أخرى ،وارتوت بذلك الجوانح الظمأى للقرب والغفران،وصدرت عن أنهر الورد ريانة جذلى ،وتنساب ليالي الودّ كخيط حريري مزهوّ بألوان البرّ والتواصل، بين عباد يتشوّقون إلى موارد الأرواح التائبة، وربّ عظيم حليم غفار ،يبسط يده بالليل ليتوب مسيء الصباح ،ويبسطها في الصباح ليتوب مسيء الليل، في تواصل ودود بين الخالق والخلق، وفق قانون رباني رحيم ،متكرّم متفضل{وإني لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحا} ،. وترتحل القلوب في مسيرة الهلال الجميل، خطوة خطوة وليلة بعد ليلة،ونهارا إثر نهار، حتى ينبثق فجر العيد البهيج، فإذا هو مشرعة نوافذه لتطل منها وجوه الصائمين القائمين، ترنوا إلى الراحل الكريم عيونها بشغف المفارق، وأسى المودع ،وترقب بفرحة الإنجا ز المأجور عند الله ،وكلّهاأمل أن يكون رمضان شعلة رمضت الذنوب، وجلت الهم عن القلوب،وأنارت للحائرين الدروب، ولسان حالها يقول : لكل صائم أحسن الصيام ،وأتم القيام ،وحفظ الحرمات،ووصل الأرحام {تقبل الله الطاعات}. وتنجلي ليلة الرّحيل عن فجر العيد ،وإذا النّاس يتشاركون أنسه وبهاه، طائعين وعصاه ،يلتفت العيد إلى تلك الأرواح الشقيّة ،تلك التي ما أظمئها هجير رمضان ،ولا أسهرها تهجده وقيام ليله،فيخاطبهم بصمت أبلغ من الكلام ويحكم أي عيد؟ أو ما علمتم أن العيد فرحة الطائعين الخاصّة ؟ فبأي حق تشاركونهم إياها وقد منحهم ربهم فرحتها خالصة مقبولة؟ألم تسمعوا تلك المقولة التي افصحت وابانت عن ما جهلتم من معاني العيد،{ليس العيد لمن لبس الجديد ولكن العيد لمن خاف يوم العيد}فهل خفتموه حين ارتويتم والاتقياء عطاش يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار؟ وهل حسبتم لذلك اليوم حسابا وانتم تقتلون ليالي رمضان بالذنوب ؟ وتجففون منابع التوبة في قلوبكم ؟ وتفتحون ابواب غضب الجليل عليكم بحصائد نفوسكم ؟ومقترفات ايديكم؟ ولكن النداء الحاني يهتف بتلك النفوس الشقية فاتحا لها أبواب الغفران، إن هي اختارتها مداخل للرضى الرباني{قل يا عبادي الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا}فهل نصغي لصوت الرحمة ونحن مازلنا على أبواب العيد وضمن حدود لياليه ؟فنستعيد اللحظات التي نسينا فيها الغاية من خلقنا ،ونبكي عليها ونتواصى بأن نكون في القادم من أيامنا توّابين،اوّابين؟ وهل نتمسك بنوافذ العيد المشرعة،وهي تودع آخر أشعة شمس العيد ،كما ودّعت آخر ذبالات شمس اليوم الأخير من رمضان ،بقلوب تطمع برحمة الله وعيون تبكي من خشية الله وأرواح تواقة لرضى الله؟. أيها العائدون من رحلة الأرواح الندية ،،في ملكوت الصيام والقيام والجود والتلاوة ،وقد انتزعت تلك الليالي الرمضانية المباركة من بين تلافيف ارواحكم انتزاعا،وانتم على فراق شهر القرآن محزونون ،طوبى لمن أ دخله رمضان الجنة وهنيئا لكم فرحة العيد المشرقة بتكبيرات الجلال والإكرام لربكم ، ومازلنا على حدود العيد ،فاحفظوا الود لشهر أحببتموه ،ورجوتم الغفران فيه، وها نحن نجتاز حدود العيد في مراكب الست من شوال ،وننتظر أهلّة الحج والاضحى ، في مواسم عبادية أخرى عسى أن يبلّغناإياها ربنا ،وييسّر لنا فيها صالح الاعمال ،وطيّب الأقوال ،وخالص النيّات وكامل القبول {وتقبل الله الطاعات}