قال لي أحد رجال الأعمال: كنت أفكر أن أكتب مذكراتي حول المواقف التي عايشتها مع البيروقراطية، ولكن وجدت فيها سلسلة من الأخطاء والتجاوزات التي قمت بارتكابها عبر سنين طويلة فقررت التوبة وعدم الكتابة خشية من أن أكون مجاهراً بالمعصية !. يقول كنت أعطي الصندوق الصناعي تقديرات مبالغ فيها أوغير صحيحة وفواتير غير صحيحة وذلك حتى أحصل على مبلغ القرض الذي تحتاجه التوسعات في المصنع الذي أدير لأن الصندوق يقوم بخصم الكثير من الفواتير وتكون غالبا تقديراته للموجودات أقل من قيمتها الحقيقية بكثير. يقول كنت أعد أكثر من ميزانية وأحد الأسباب أنه يتم تقديم ميزانية لمصلحة الزكاة والدخل أقل من الميزانية الحقيقية وذلك لأن بعض الشركاء في ملكية المصنع يصرون على القيام بدفع الزكاة بأنفسهم. ويقول كنت أخالف أنظمة العمل وبعض عمالتي ليسوا على كفالتي وأستعين أحيانا في مواسم معينة بعمالة لا يحملون إقامات نظامية وذلك لأن وزارة العمل ترفض منح المصنع التأشيرات التي أحتاج ولأنه لا يوجد سوق منظم لتأجير العمالة لفترات محدودة . وهكذا استمر رجل الأعمال في ذكر الأمثلة على تجاوزات عديدة للأنظمة سبق أن قام بها مع ذكر مبرر لكل خطأ مؤكداً أنه لم يقم بأي تجاوز من أجل تحقيق الثراء غير المشروع، أو من أجل الحصول على أمور لا يستحقها، وفي نهاية الحوار سألني هل أنا المخطئ أم البيروقراطية الحكومية والأنظمة والإجراءات غير المنطقية، فقلت له كلاماً.. وأنا بدوري أطرح السؤال عبر هذه المقالة.