نخطئ في أجوبتنا حين تكون تساؤلاتنا خاطئة، ونخطئ أكثر حين تكون استفهاماتنا ترديدا لما يقوله من وقفوا منا موقف العدو من عدوه، كما هي إيران الدولة الأكثر انزعاجا في المنطقة للوحدة الخليجية المرجوة، والسؤال الذي يتردد على ألسن البعض عن هذه الوحدة لا ينبغي أن يكون لماذا يُدعى للوحدة الخليجية الآن، بل لماذا لم تتحقق الوحدة الخليجية حتى الآن، لماذا تأخرت كل تلك السنين، وكل أسباب الدعوة إليها متوافرة، حيث: الدين، واللغة، والثقافة، والعرق، والجوار، والمصير المشترك، وغيرها من العوامل التي تدعو للمزيد من التقارب وليس التباعد بأي حال من الأحوال، لاسيما في دول ذات جذور واحدة كدول مجلس التعاون الخليجي، ذات النسيج الاجتماعي المتواشج والمتداخل بعضه في بعض، كما لوحة فسيفساء لا تكتمل روعتها ولا رونقها إلا متسقة متجاورة، فيما تجزيئها يفقدها جمالها ويجعلها ذات قيمة وفاعلية أقل . أولى خطوات الوحدة وإن كانت وئيدة متباعدة بدأت بمجلس التعاون الخليجي، وفي الطريق نحو تعميقها كان جسر الملك فهد، الذي جعل البحرين أكثر قربا من شقيقاتها الخمس، ثم التقارب أكثر عبر التنقل بالبطاقة الشخصية، وقريبا العملة الخليجية الموحدة، ومن ثم الوحدة التي طال انتظارنا لها، احتلال الكويت في التسعينات ذكرنا بأهمية الوحدة، وتغول إيران في المنطقة وأطماعها في الإمارات المترجمة عمليا إلى احتلال جزرها الثلاث، وادعاءاتها المريضة في البحرين، كل ذلك وغيره يجعل الوحدة خيارنا الذي لا خيار لنا غيره ! كل دول العالم لها مصالح في الخليج العربي ومع دوله الست ومع ذلك لم تعترض أي دولة لأن قرار الوحدة قرار سيادي بالدرجة الأولى، ويخص الدول المعنية لا غير، ولأن الوحدة تخدم مصالح الجميع ولن تضر بمصالح أحد إلا دولة متغولة كإيران لها أطماع وأهداف من شأن هذه الوحدة أن تفشلها وتوقفها، الوحدة لن تجعل أيا من دول اتحاد مجلس التعاون لقمة سائغة لمطامع إيران التوسعية، بل قوة تعيد التوازن والأمان إلى منطقة الشرق الأوسط، ولو كان هذا الاتحاد موجودا وفاعلا لما أقدم صدام حسين على مجازفته المجنونة باحتلال الكويت ! ولإدراك أهمية هذه الوحدة علينا أن نتصور واقع دولة الإمارات العربية المتحدة لو كانت متفرقة في سبع دول صغيرة كيف ستكون، الاتحاد قوة وأمن واستقرار لدوله، وبالنسبة لشعوبه مزيد من الرفاهية والرخاء، وهذا ما نحتاجه بكل تأكيد .