د.عبد الوهاب أبو داهش - الاقتصادية السعودية تحدث رجلا الأعمال الكريمان سليمان الراجحي وصالح كامل عن رأيهما في سوق الأسهم، وخصوصًا الارتفاعات الأخيرة. وقدما نصائح من ذهب، لا أعتقد أنها تخرج من أساسيات الاستثمار والتجارة. ودائمًا نتحدث عنها بإسهاب، ونقدم النصائح نفسها لمن سأل، وآخرها كان مقالاً كتبته الأسبوع الماضي في: كيف يستفيد المستثمر من صعود الأسهم الحالي. والنصيحة الأولى لرجلي الأعمال هي أن التسارع في ارتفاع السوق يجعل الحذر والحيطة سيدة الموقف، وأن ما يحدث يخرج من منطق أساسيات السوق والتجارة. ولعلني أضيف أن هذه الرسالة هي لصغار المتداولين والمستثمرين، الذين يجب عليهم عدم التنقل من شركة إلى أخرى بصورة يومية أو حسب التوصيات، بل اختيار الشركات حسب قوتها المالية ومؤشرات الربحية لديها، ومن ثَمَّ التعامل مع السهم حسب حركته الفنية من تذبذب وأسعار الدعم والمقاومة وغيرها من المؤشرات الفنية. وبذلك يصبح القرار شخصيًّا ومستقلاً، ويصبح سماع الآراء الأخرى للمتعاملين في السوق والمحللين مجرد آراء يستنير بها في تعاملاته. ولعلني أعيد ما قاله رجل الأعمال سليمان الراجحي لأهميته، حيث قال ''مشكلة البعض في الاستثمار..، إنهم يريدون المكسب السريع، وليست لهم قدرة على الصبر، وما حدث في سوق المال هو نوع من تصحيح الأوضاع وفرز المستثمرين، كما أن اللافت في الأمر أن السوق أصبحت أكثر نضجًا عن ذي قبل، بعدما تخطت مرحلة التسارع الغريبة التي دخلها البعض بهدف المكسب السريع، وعلى المستثمر أن يدرك أنه ولج لمجال تجاري قابل للمكسب والخسارة، كما هي حال التجارة دائمًا، ومن المهم أن يعمل رجل الأعمال على تنويع استثماراته، حيث تكون محفظته تشمل الأسهم والعقار ومجالات تجارية أخرى، حتى تقل مخاطر خسارته في أي مجال استثماري، لا قدر الله، ويكون مشاركًا في أكثر من مجال لخدمة نفسه ووطنه ومجتمعه، كما أود أن أثير نقطة قد يغفل عنها بعض المستثمرين الشباب، وهي القروض التي قد يستعينون بها للاستثمار؛ فمن خلال خبرتي الطويلة أرى أنه يجب ألا تتجاوز نسبة ديون رجل الأعمال 25 في المائة من إجمالي استثماراته؛ لأن كثرة الديون قد تكسر التاجر أو المستثمر، وتفاقم من مشكلته في حال تعرضه لأي تعثر''. ومن هذه العبارات يمكن استخلاص النصائح التالية: الصبر، السوق أصبحت أكثر نضجًا، السوق مجال تجاري قابل للربح والخسارة، تنويع الاستثمارات، وألا تتجاوز نسبة الديون 25 في المائة من إجمالي الاستثمارات. وهي نصائح ذهبية تلقائية تعكس عصارة خبرة واقعية امتدت سنوات طويلة. ويعرف من درس في الجامعات أن كل نصيحة من هذه تدرس كتخصص، وتتطلب عدة مواد وكتب قد لا يتسع لها مكتبة من الحجم المتوسط. وقد كان لرجل الأعمال نفسه رأي في قطاع العقار، حيث قال إنه يمر بخمس سنوات من الانتعاش، وخمس سنوات من الثبات، مما يعني أن القطاع يتسم بالصمود أمام متغيرات الاقتصاد والظروف الأخرى. وهو محق في ذلك، إذ إن العقار يتسم بانخفاض المخاطر؛ لأن أسعاره لا تتعرض لقوة التذبذب نفسها التي تحدث في قطاع الأسهم. وهو لم يتحدث عن العائد على كل قطاع، لكن المتعارف عليه تاريخيًّا وليس في المملكة فقط، أن العائد من الأسهم أعلى من العقار في المدى الطويل، خصوصًا إذا تعاملنا مع سوق الأسهم كسوق استثمارية تحقق عوائد سنوية وأرباحًا رأسمالية تتراكم كلما طالت مدة الاستثمار. إن نصائح رجلي أعمال بحجم صالح كامل وسليمان الراجحي مفيدة في مثل هذا الوقت بالذات، حيث تشهد سوق الأسهم انتعاشًا قويًّا، ويشهد العقار ركودًا واضحًا، مما أربك المستثمرين، وجعلهم في حيرة من أمرهم، لكن هذه النصائح تفتح آفاقًا نتمنى أن يستنير بها الجميع.