سأظل أردد بلا كلل ولا ملل المطالبة بالإسراع في إصدار وتطبيق مشروع «تقنين الشريعة» أي وضع أحكام الشريعة المبثوثة في كتب الفقه في مواد مقننة واضحة يحكم بها القضاة وتكون مرجعا للتقاضي. لقد صار لهذا المشروع قرابة نصف قرن يراوح بين القبول والرفض بسبب عدم ظهور هذا التقنين الذي سماه البعض ابتعادا وتجنبا لكلمتي التقنين والقانون المحاطة بهما الشكوك ب «تدوين الأحكام الشرعية».. نحن الآن في المملكة في أمس الحاجة إلى صدور هذا «التدوين» ليكون مرجعا معروفا ملزما للتقاضي في المحاكم، الناس في حاجة إلى «تقنين» واضح معروف للمتقاضين وليس موسوعات فقهية مملوءة بالأقوال والخلافات ليست للعامة، لقد وضح المختصون أهمية التقنين في كثير من المقالات أو ما صرحوا به في الصحف، ومن ذلك ما قال به القاضي الشيخ حمد الرزين مؤخرا (عكاظ 22/2/2012 بأن «المدونة» لها عدة فوائد فهي تختصر وقت القضية عند القاضي فتكون المدونة أمامه متضمنة مواد محددة ويلزم القاضي بالعمل بها، وثانيا أن المدونة ستعين على دقة توقع الحكم القضائي لأن الملاحظ في النظام القضائي الحالي عدم قدرة المحامين والاستشاريين الحقوقيين على توقع الحكم الذي يصدره القاضي باعتبار أنه سيعتمد على اجتهاده (وبحثه في المراجع الفقهية وتعدد الآراء فيها) والاجتهاد باب مفتوح، وقال أيضا إن غالب القضاة يرحبون بالتقنين باعتباره مخرجا من هذه الإشكالات. وقال الدكتور الشريف أستاذ القانون في جامعة الملك عبدالعزيز إن تفاوت الأحكام محل انتقاد الكثير من مؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، وأضاف أن إحجام المستثمرين الأجانب في اعتماد القضاء السعودي في تعاقداتهم في السعودية يعود إلى عدم وضوح الرؤية بالنسبة لهم. لقد حان الوقت لإقرار «مدونة الأحكام الشرعية».. وهو ما نرجوه من ولي الأمر حفظه الله فإن في إقرارها خدمة للدين وللعدالة وللتنمية بكل تأكيد.