المطر في غير موسمه: «عذاب»، وما سينشأ عنه من «ربيع» ستذروه: رياح صرصر عاتية، لا تبقي ولا تذر، ثم لا يلبث أن يكون هذا الربيع – وأهله – كهشيم المحتضر! ولقد جاءكم يا قوم من أنباء «ويكليكس» ما فيه مزدجر! ولنقرأ شيئا مما جاء في برقية بعث بها السفير الأميركي السابق في القاهرة فرانسيس ريتشارد دني؛ دمغ عليها هذا العنوان: «سري»، وذلك بتاريخ 6/ 3/ 2006. إذ قال في بعض من فقراتها ما يلي: «على الأرجح لن يكون هناك إحراز تقدم ديمقراطي كبير طالما أن الرئيس مبارك في منصبه، ومع هذا فإن حكمه القاسي يوفر مساحة، ويعطي وقتا لإعداد المجتمع المدني، وبعض المؤسسات الحكومية المصرية قبل رحيله، وليس لدينا حل ناجع لكل شيء، ولكن يمكننا الضغط من أجل التغييرات التي ستؤدي حتما إلى الموت عن طريق ألف جرح صغير في نظام مصر السلطوي». يضطرني من يقرأ بمحض عاطفته أن أفطنه للآتي: – لست ممن يرى أن «الثورات» من صناعة السفارات؛ لكن من السفه السياسي أن نظن أنها بمنأى عن اضطلاعها بدور فاعل واسألوا إن شئتم: «اليهودي الصهيوني الفرنسي برنارد ليفي عن عمله المضني في شأن الثورة الليبية في مراحلها الأولى»! – هل ثمة من أحد يأسف على اندحار الظلم وأن تتهاوى «أصنامه»؟! لا ريب في أنه: لا أحد؛ لكن كيف ستكون عليه المآلات السياسية التي بتنا نرى شيئا من أماراتها؟! وكأن الأنظمة السابقة لما تزل بعد جاثمة على صدور الشعوب! إذ ليس من غاية الثورات استبدال طاغية ب: طاغية! ومهما يكن من أمر.. فإنني أتمنى على «الإسلاميين» أن يتجاوزوا «سكرة» عسلهم مع من كانوا ينعتونه سابقا ب«الآخر» ذلك أنهم قد كانوا قاب قوسين أو أدنى من أن يجترحوا ما كانوا عنه قبلا ينهون عنه ويزدجرون؛ ليس هذا وحسب وإنما باتوا يشتغلون على هدم ما كان سببا في قيام مشروع «حركاتهم»! والأباة الذين بالأمس ثاروا أيقظوا حولنا الذئاب وناموا حين قلنا قاموا بثورة شعب قعدوا قبل أن يُروا كيف قاموا ربما أحسنوا البدايات لكن هل يحسُّون كيف ساء الختامُ؟