ولدت سمر بدوي وفقدت والدتها التي توفيت متأثرة بالسرطان. كبرت البنت، الموعودة بالشقاء، وتزوجت وأنجبت وتطلقت واستولى والدها على مالها ودخلت دار الحماية هروبا منه، ثم أدخلها أبوها السجن الذي خرجت منه بعد سبعة أشهر.. وبعد فترة، وفي هذا العام، سافرت إلى واشنطن لتقف بين هيلاري كلينتون وميشيل أوباما لتتسلم جائزة أشجع نساء العالم. تستاهل سمر. ومن يكون أشجع (أكاد أقول أرجل منها) وهي التي حين حكم على أبيها بالتعزير لارتكابه العنف ضدها رفضت وتنازلت عن القضية لأنه أبوها؟ من يكون أشجع من سمر التي تجرعت سم الاتهام بالعقوق وهي التي كانت تفطر وتتعشى على العنف والظلم من أبيها؟ من الذي يستطيع أن يقول إنه أشجع منها وهي التي صبرت صبر أيوب على حالها وسجنها وفراق صغيرها؟!! ولذلك كانت ابتسامتها الخافتة، وهي تتسلم جائزة الشجعان أمام كاميرات العالم، تنبئ بصلابة غير مسبوقة على مستوى بنات جنسها في مجتمعها. كأنها أرادت،من إرسال هذه الابتسامة، أن تخبرهن أن الحق، حتى لو كان حق امرأة، لا يضيع ما دام وراءه مطالب. وإذا كانت حصلت على حقها واعتبارها بعد طول انتظار وصبر، فإنها سجلت للتاريخ أن فتاة سعودية قهرت جلاديها، الذين تربصوا بها وبضعفها الدوائر ليهزموها ويكسروا شوكتها كأنثى. أثبتت سمر بدوي أن المرأة العربية والسعودية عودها ناشف إذا تعلق الأمر بحقها واستقلالية قرارها كإنسان بالغ عاقل، حتى لو اجتمع رجال الأرض ليسلبوها هذا الحق. ومن الآن وصاعدا ستكون هذه المرأة بالغة الجرأة والشجاعة قدوة لكثيرات ممن سيأخذن حقهن.. ولو بعد حين. إذا رأيتموها بلغوها سلامي الحار.