يقول الفراهيدي: لو كنت تعلم ما أقول عذرتني *** أو كنت تعلم ما تقول عذلتكا لكن جهلت مقالتي فعذلتني *** وعلمت أنك جاهل فعذرتكا وقال الإمام الشافعي «رحمه الله» «ما جادلت عالمًا إلا وغلبته، وما جادلت جاهلًا إلا وغلبني» الكثير منا يقع في الخطأ لكن القليل منا وبكل أسف يعترف بخطئه مع انه ليس العيب في أن نخطئ ولكن العيب في أن نكابر ونستمر في الخطأ اعتقادًا من المكابر ان الاعتراف بالخطأ هزيمة وذلّ له ونصر للغير وأسوأ من العيب هو ان نبرّر الخطأ ونحاول ان نقنع الآخرين بصواب الخطأ. المتصدون للشأن العام من المسؤولين اين كان موقعهم يُحتم عليهم قبولهم لهذا المنصب ان يُنصتوا للرأي الآخر ويتقبلوا النقد وان يكونوا على اهبّة الاستعداد للحوار وان يتحرّروا من ثقافة تبرير الخطأ فبعض الأخطاء واضحة وضوح الشمس ولا يمكن قبول تبريرها، والناس لا ينتقدون من هو جالس في بيته ويدير امور بيته بل ينتقدون من يرونه لا يُجيد ولا يُحسن التصرّف والقيام على امورهم ومصالحهم التي اوكله بالقيام بها ولي الأمر.. فالمتصدّي للشأن العام يجب ان يعرف ان النقد ظاهرة صحية وان إبداء الرأي لا يُعدّ تدخلًا في شؤونه بل إن النقد جزء لا يتجزأ من ثقافة الحوار التي ننادي بها، وتؤمن بها وتمارسها الشعوب المتمدنة فلا بأس في ان نختلف ما دامت هي الطريقة الحضارية لحل المشكلات. من يهرب من النقد ويغضب ويحقد ويكابر عن جهل ويدافع عن موقفه بهتانًا فالأفضل له ان يترك التصدّي للأمر العام ويجلس في بيته، فليس النقد للأشخاص بقدر ما هو نقد لأخطائهم؛ لذا يجب على المسؤولين ان يوطئوا انفسهم على الإنصات للنقد والاستماع للناقدين وألا تضيق صدورهم بها. أما مَن يهرب من النقد ويغضب ويحقد ويكابر عن جهل ويدافع عن موقفه بهتانًا فالأفضل له ان يترك التصدّي للأمر العام ويجلس في بيته فليس النقد للأشخاص بقدر ما هو نقد لأخطائهم لذا يجب على المسؤولين ان يوطئوا انفسهم على الإنصات للنقد والاستماع للناقدين وألا تضيق صدورهم بها فهذه هي الطريقة الوحيدة لتعويد النفس على تقبّل النقد. وليعلم المتصدون للشأن العام ان وقت المجاملات قد ولّى من غير رجعة، فالزمان اختلف وظروف الحياة لا ترحم والدول من حولنا تقدّمت واصبحنا نرى رُقيّهم وحَضارتهم ونقارنهم بوضعنا ومع كل هذا ما زلنا نجامل هذا المسؤول ونغضّ الطرف عن أخطاء ذلك المسؤول والنتيجة ان الحقوق ضاعت وتخلفنا عن الركب بصَمتنا ومُجاملاتنا. صحيح ان عقيدتنا تدعونا الى طاعة مسؤولينا لأن طاعتهم من طاعة ولي الامر وبالتالي نرى طاعتهم من طاعة الله «عز وجل» وندعو لهم بالصلاح والمعافاة لكن ألا يرى هذا المسؤول المكابر الذي لا يقبل النقد ان أبا بكر الصديق «رضي الله عنه» خليفة رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يأمر بالعدل وبالنقد فيقول «فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوّموني» فإذا كان هذا موقف خليفة المسلمين فلماذا يكابر هذا المسؤول!! ان اعتراف المسؤول بخطئه هو نصف الطريق الى الاصلاح فيجب عليه ألا يعتقد ان رأيه هو الصواب ورأي غيره هو الخطأ فهذا الفاروق خليفة المؤمنين عمر بن الخطاب يقول «أصابت امرأة وأخطأ عمر» فلست معصومًا ايها المسؤول عن الخطأ واترك عنك الغطرسة والمكابرة والتعنّت والمدافعة عن الخطأ فإنها لا تورث إلا الدمار، فالمكابرة هي ما منعت ابا طالب من الدخول في الاسلام، وهو يرى انه الحق، فدخل النار وهي التي دفعت فرعون للكفر وهو يرى الحق بعد إيمان السحرة فهلك وزال مُلكه.