لا يستحق المنصب الذي هو فيه أي مسؤول أن يغضب وينفعل حينما ينتقد المرفق الذي يديره أو يرأسه لعدة أسباب : السبب الأول أنه يدير مكاناً عاماً يقدم خدمة مشروعه لشريحة من المجتمع ولهذا فكل شخص مستفيد من حقه أن يقيم نوع الخدمة ومدى رضاه عنها ومن حقه أيضاً أن ينتقد. السبب الثاني: أنك (أيها المسؤول) لا ترث موقعاً هو ملك لك وانما البقاء فيه للأصلح ..فلو كنت تتحدث عن مؤسسة أنت تمتلكها فهذا مالك وأنت حر فيه ..لكن أن تعمل في الدولة فليس من حقك أن ترفض النقد عليك أو ترك الموقع لمن هو أجدر منك .. فليس لديك حصانة (من النقد). السبب الثالث: أن المسؤول العاقل والحصيف يجب أن يعرف أن النقد يخدمه ويخدم موقفه فالكمال لله وحده ..ولا يخلو عمل من ثغرات ومن يعمل يخطيء لكن الخطأ الأكبر هو عدم الاعتراف بوجود خطأ ..وعدم العمل على تصحيح تلك الأخطاء والاستمرار فيها، وأسوأ شيء في المسؤول أيضاً هو حينما ينفعل من النقد ويظهر انفعاله على الملأ ..ففي هذه الحالة هو كشف الجانب (السلبي) في شخصيته ..والذي قد لا يعرفه عنه الكثير ..وبذلك يكون قد كشف حقيقة شخصيته !! وعلينا أن نشاهد المناظرات التليفزيونية حينما يكون هناك مرشحان لرئاسة دولة ..فالشعب يصوت للمسؤول الأكثر تحكما في أعصابه ..ولمن لا ينفعل حينما ينتقد برنامجه الانتخابي.. ويحاسب كثيراً ..وقد يسقط سقوطاً ذريعاً من يضيق صدره من نقد أو وجهة نظر مغايرة...إن الظهور على الملأ وبشكل انفعالي يحرق أسهم المسؤول ومن الصعب استعارة مكانته بسهولة ولهذا على كل مسؤول أن يعرف ويعترف أن نجاحه مبني على تقبل الرأي الآخر سلباً وإيجاباً فيعمل على تعزيز ما هو إيجابي وعمل معالجة أوجه القصور ..وأن يكون صدره رحباً للنقد مهما كانت قسوته ..فهو بذلك يسجل لنفسه مزيداً من النجاح والتألق ويثبت للجميع أنه جدير بالموقع الذي يحتله. آخر السطور: وليست الشجاعة أن تعجب برأيك ولكن الشجاعة أن تعجب بالرأي الآخر حتى ولو لم يوافق رغبتك.