عزيزة المانع - عكاظ السعودية حين يرد الحديث عن الثقافة، سرعان ما يقفز النادي الأدبي إلى الأذهان، ذاك أن المكان العام الممثل للثقافة والمثقفين في بلادنا ينحصر في النوادي الأدبية. وفي الآونة الأخيرة، بدأت تظهر مطالب بأن يعاد تشكيل النوادي الأدبية لتصير مراكز ثقافية أوسع وأشمل تضم عددا أكبر من مجالات الثقافة المختلفة وليس مجال الأدب وحده؛ كالفنون بمختلف أنواعها التشكيلية والتصويرية والنحتية والمسرحية والسينمائية والأدائية والغنائية وغيرها. الدعوة إلى تحويل النادي الأدبي إلى مركز ثقافي شامل، يبدو فيها التداخل ما بين أشكال الثقافة عامة والأدب، فالدور الذي يقوم به النادي الأدبي مهم في مجاله الذي أنشئ من أجله، حيث يعمل على تعزيز ودعم النشاطات الأدبية في المجتمع في صورها الشعرية والنثرية المتعددة، كما يوطد العلائق بين المبدعين والنقاد والناشئة، ونشاطه هذا يعد فرعا من فروع النشاط الثقافي وليس الثقافة بمجملها. على الطرف الآخر، نجد أنه خلال الشهور الماضية حين كانت الانتخابات في النوادي الأدبية في أوجها، تصاعدت حدة الانتقادات للنوادي وأخذ يتردد في الأوساط الثقافية الاحتجاج على قبول تلك النوادي عضوية من لا ينتمون إلى الأدب وكانت الحجة هي: أن وجود الأجسام النشاز في جسد النوادي يميع دورها ويقلل من جودة أدائها، وأن المقتحمين لعضوية النوادي الأدبية من غيرالمنتمين إلى الأدب يفعلون ذلك لأغراض أخرى غير الاهتمام بالأدب، لذلك فإن على النوادي الأدبية أن تغلق أبوابها على المشتغلين بالأدب وحدهم فهم أدرى بشعاب الثقافة، وهم وحدهم الذين ينبغي أن يستند عليهم في دعم الحركة الثقافية في المجتمع. هذا الاختلاف ما بين الدعوة إلى خصوصية النوادي الأدبية والدعوة إلى عموميتها، سببه حسب ما أظن، هو أن النوادي الأدبية في بلادنا تشكل الجهة الوحيدة في المجتمع التي تمثل منبرا للثقافة والمثقفين وتتيح فرص التعبير والتفاعل، ولو أن الباب كان مفتوحا لمزيد من النوادي المتعددة والمتنوعة لربما ما ظهر الصراع بين المثقفين ولا تنازعوا بينهم على احتلال النوادي الأدبية. وما دام هناك نادٍ للرياضيين ونادٍ للأدباء فلم لا يكون هناك أيضا نادٍ للفنون التشكيلية والتصويرية، وآخر للفنون الأدائية والمسرحية والسينمائية، وثالث للفنون التراثية والفلكلورية، وهكذا. إن تعدد إقامة النوادي يتيح للمعنيين بالثقافة الانضمام إلى النادي الأقرب إلى نشاطهم ويخفف من حدة الصراع بين المثقفين الذين يتنافسون على احتلال النوادي الأدبية حتى إن كانوا لا يفقهون في الأدب شيئا لمجرد أنهم في حاجة إلى منبر ينطلق منه صوتهم. الثقافة للجميع، والثقافة لا تعني ديوان شعر أو رواية فقط.