لست متأكدا من صحة ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول موضوع تغيير مسمى بعض أبواب الحرم المكي الشريف ثم صدور توجيهات بإعادة الأسماء إلى ما كانت عليه بعد حالة غضب واعتراض ضجت بها مواقع إلكترونية وعلى (تويتر) و(فيس بوك) وغيرها من وسائل الإعلام الجديد. لكن المؤكد أن هذه الوسائل المتاحة لكل من أراد أن يستخدمها بكل حرية وبلا قيود وبلا تكلفة مادية باتت أداة مهمة في استقراء وتحليل توجهات الرأي العام عند كل صاحب قرار، ومن ثم ليس عيبا ولا خطأ أن يحدث مثل ذلك، لأن صاحب القرار أيا كان منصبه لن يجد أصدق وأسرع رأيا مما هو متاح عبر هذه الوسائل الجديدة، خاصة وأن مثل هذه الوسائل يستخدمها عدد ليس بالقليل من أصحاب الأسماء الصريحة، ولقي فيها بعض من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين والإعلاميين والمثقفين والدعاة ومشاهير الرياضة والفن وغيرهم من النخب ما يشجع على الدخول في محيطها، لتكون وسيلة ناجعة لهم في معرفة انطباعات الناس عنهم ومعرفة متطلباتهم وطريقة تفكيرهم ورؤاهم، ثم إن هؤلاء الناس فيما يقولون ويعبرون، وحين يثنون أو يشكون، أو يطلبون ويتمنون؛ يمثلون رأيا عاما مهما لدى صاحب القرار الفطين والحكيم أيا كان مسماه ومنصبه، وبالتالي أصبح ذلك المسؤول يتحدث ويحاور ويتواصل مع الناس باختلاف أجناسهم وأعمارهم ومستوياتهم بشكل مباشر، دون وسطاء ودون مواعيد، واختفت عبارات "فلان في اجتماع" و"فلان غير موجود في مكتبه" وعبارات أخرى قد لا يعلم عنها صاحب القرار لكنها كانت من اجتهادات المحيطين به ممن يظنون أنهم يخدمونه بتصرفاتهم تلك، أو لأنهم اعتادوا على ذلك ليشعروا أن بيدهم قرارا وسلطة، فكثيرا ما وقف مدراء المكاتب والسكرتارية وغيرهم ممن أنيطت بهم مهام التواصل والتنسيق مع الجمهور والرأي العام حائلا بين هؤلاء الناس والمسؤول، ولكن مثل هذه الوسائط الجديدة بات من الممكن لأي مواطن أن يتواصل من خلالها مع العديد من المسؤولين، ليطرح عليهم مشاكله ومطالبه وملاحظاته متى ما اقتنع المسؤول أن يكون له تواجد في هذا العالم التقني الجديد الذي شهد مبكرا تفاعلا بين الداعية والمثقف والإعلامي وجماهيرهم. صحيح أن عدد المسؤولين ومن يصنفون أنهم من أصحاب القرار ممن يستخدمون هذه الوسائل قليل إذا ما قورنوا بالإعلاميين والمثقفين والدعاة، ولكن دخول بعضهم وشجاعته في خوض هذه التجربة أكسبهم شعبية ومصداقية لدى الرأي العام قد تشجع غيرهم على الإقدام على نفس الخطوة، بعد أن أثبتت التجربة أن ال(تويتر) وال(فيس بوك) وغيرهما من وسائل الإعلام الجديد لها سلطة غير تقليدية في التأثير وفي إحداث التفاعل مع الغير ومعرفة رأي الآخرين بكل شفافية ودون وسيط أو فلترة. ما أريد الوصول إليه هو أنه حتى نتغير ونحقق مكاسب من هذه الوسائل ينبغي فتح نوافذ تواصل أكثر مع المواطنين، خاصة لمن هم في مناصب لها علاقة مباشرة ودائمة بالجمهور. وفي جانب آخر عرف الناس حقائق ومعلومات جديدة عن مستخدمي مثل هذه الوسائل، فذاك متواضع ومتعاون، وذاك مشكلته مثل الكثيرين ممن يقعون في خطأ إملائي حيث يكتب "لكن" هكذا "لاكن".