كان من المفترض أن ينسحب من "تويتر"، ليس من الصواب أن يشارك، ألا يوجد شخص ينصحه لينسحب؟ شخص في مقامه من المفترض ألا يشارك في "تويتر"، لماذا وضع نفسه في مثل هذا الموقف؟ ذاك بعض مما سمعته في أكثر من مجلس في العاصمة الرياض هذا الأسبوع حول بعض الشخصيات التي تشارك في "تويتر". وفي نفس المجالس هناك من يرى وأنا واحد منهم أنه ليس من المنطق ولا من الموضوعية الاعتراض على مشاركة البعض من المسؤولين أو من لهم مكانة لها علاقة بمنصب أو مسمى بحجة عدم قدرتهم على الحوار ومقارعة من يواجهونهم، خاصة أن المسؤول أو صاحب المنصب يشارك باسمه الصريح بينما معظم منتقديه من المحاورين يشاركون بأسماء غير صريحة، وفي ظني أن مثل هؤلاء ينبغي أن نشجعهم على التواجد والتواصل مع بقية أفراد المجتمع بغض النظر عن مستوى اللغة التي يكتبون بها، وكيفية تناولهم لما يكتبون ومنهجهم في الرد والتعليق والتعقيب، فهم ربما لأول مرة يسمعون من الناس مباشرة بدون وسيط وبدون (فلترة) وبدون تزييف، وهم ربما لأول مرة يسمعون كلاماً لم يعتادوا على سماعه، فأحياناً يتخلله قسوة وصراحة مطلقة، وأحياناً يكون نقداً شخصياً مباشراً، وكشف عن أشياء غير معلومة عند العامة، وبالتالي فإن في مثل هذه الحوارات والمصارحات والانتقادات مكاسب لهم وللناس، فلعلهم يقفون على واقع حال كانوا غافلين عنه، ويتفاعلون مع هموم الناس وأفكارهم واقتراحاتهم وأمانيهم ومطالبهم، فضلاً عن أنه من خلال وجودهم في مثل هذه الوسائل تصل رسائل أخرى مفيدة لمن هم في مثل مواقعهم أو بنفس مسمياتهم. وليس ببعيد عنا الفوائد الملموسة التي نتجت من خلال فتح وزراء الإعلام والعمل والعدل صفحات لهم على "الفيس بوك" حيث اتيحت لهم معرفة رأي الناس فيهم شخصياً وفي وزاراتهم، كما استمعوا لاقتراحات مفيدة ترجمت فيما بعد لبرامج وأنظمة؛ مثلما حدث في وزارة العمل، كما تمكن الوزراء من خدمة العديد من المواطنين في أطراف المملكة ممن لم يتمكنوا من الوصول إلى مكاتب الوزراء ولكنهم أوصلوا مطالبهم عبر هذه المواقع ولاقت تجاوباً كما فعل وزير العدل مع بعض المواطنين. إذاً أولئك المسؤولون المسجلون في "تويتر" ممن لهم علاقة عمل بالمواطنين أو لهم رأي في صناعة قرار أو هم في مواقع تمكنهم من خدمة الناس أو للناس عندهم حقوق يصبح التواصل معهم مفيداً جداً؛ فضلا عن أن من هم على شاكلتهم حتى وإن لم يسجلوا ويشاركوا الناس في نقاشاتهم فإنهم حتما يشاهدون ويراقبون ما يدور في هذه الوسائل، وبالتالي تصلهم رسائل غير مباشرة عما يفكر به الرأي العام ويقفون على مطالبه، وبالتالي قد يستجيبون ويتفاعلون مع تلك الآراء والمطالب والاحتياجات. يبقى القول بأن "تويتر" أداة قياس رأي عام مهمة لمن يريد أن يدرك واقع الحال الذي يحيط بنا، حيث هامش الحرية المتاح فيه تجاوز كل الوسائل التقليدية وبات يشكل رأياً عاماً مؤثراً بقوة وسرعة فائقة، وإن تخلل مثل هذه الممارسة الجديدة خلل أو عيب فذاك أمر متوقع ومقبول كون لكل تجربة أخطاؤها ولكل نجاح ثمن.