قبل أمس نشر خبر في الصفحة الأولى من هذه الجريدة (بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد) هكذا ظننت، خبر من سطرين عبرته العيون أو توقفت عنده لكنه عبر من غير أي تعليق او استغاثة او استعانة بشرح من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالرغم من أن محتوى الخبر هو الداء الذي أكل الثمار ومازال مستشريا، يقول الخبر: أنجزت هيئة الرقابة والتحقيق خلال العام المالي الحالي أكثر من ثمانية آلاف قضية جنائية، أبرزها قضايا الاختلاس والتزوير واستغلال النفوذ، وذلك خلال أعمال العام المالي الحالي. لاحظوا العدد والفترة الزمنية: ثمانية آلاف قضية في عام واحد. لاحظوا نوعية القضايا: جنائية دارت حول الاختلاس والتزوير واستغلال النفوذ.. هذا ما تم اكتشافه، فماذا عن ما لم يكتشف.؟ وبمناسبة ما لم يكتشف قال لي صديق: فقط ثمانية آلاف قضية اكتشفتها هيئة الرقابة والتحقيق ولكن هناك عشرات الآلاف من القضايا التي لم تكتشف بعد، وأن هذا الآلاف من القضايا بحاجة إلى إيكال مهمة اكتشافها الى شركات للتنقيب عن الفساد مثل نظيرتها التي تنقب عن البترول!. وأعتقد أننا بالفعل بحاجة إلى مثل هذه الشركات خاصة أن المفسدين في الأرض يتوسمون نصيبا كبيرا من الدخل القومي الترليوني.. وكنا نتمنى لو أن هيئة الرقابة والتحقيق أعلنت عن حجم المبالغ التي تم الاستيلاء عليها، هذا الخبر تزامن مع مقالة كتبتها عن اليوم العالمي للفساد وفي نفس العدد تحدث معالي رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن أهمية دور المواطن في مكافحة الفساد، وأشدنا بهذه الدعوة إلا أن الظباء تكاثرت ولن يفلح مواطن في اصطياد أو الإشارة إلى من يختطف الأموال العامة لأن كل شيء بعيد عنه.. أعيد القول بأهمية دخول الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بقوة ومن خلال سن القوانين الصارمة والتسهيل في إيجاد رقابة من خلال الهيئات أو الجمعيات الممثلة للمجتمع المدني مع اتساع هامش الصحافة ويضاف إلى ذلك خلق حالة يقين يستشعر بها المجتمع من وجود مدانين على أرض الواقع ما عدا ذلك ليس أمامنا الا الدعاء بأن يعمي الله أبصار المفسدين عن الميزانية الترليونية لهذا العام كي لا نقرأ في العام القادم عن اكتشاف مليون قضية فساد جنائي واستغلال وتزوير.