باتت قضايا التعدي على المال العام أخباراً ساخنة تتداولها وسائل الإعلام، وتصدمنا بتفاصيلها، فهاهي هيئة الرقابة والتحقيق ذكرت أنها أنجزت أكثر من ثمانية آلاف قضية جنائية، أبرزها قضايا الاختلاس والتزوير واستغلال النفوذ، وذلك خلال أعمال العام المالي الحالي فقط، وهناك أخبار متفرقة تتضمن كف يد "وكيل وزارة" لأنه أدين بقضية "تلاعب بأموال الدولة"، وخبر آخر مفاده "مدير فرع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد" يدان بتهمة تلاعب واختلاسات مالية تصل لأكثر من 400 مليون ريال..حتى "ساهر" صار له دور في كشف بعض التلاعبات حيث استطاع رصد مخالفات مرورية لسيارات حكومية تم إساءة استخدامها في أغراض شخصية "..وغيرها كثير! فلماذا أصبح المال العام أكثر تعرضا للاعتداء والتفريط؟ يقول "د.سعد عبد القادر القويعي" -الباحث في السياسة الشرعية-: "إنّ صور الاعتداء على المال العام، ألحقت بالناس خسائر فادحة، وخللا في استقرار المجتمع، بل هي من أخطر القضايا التي تهدد الأمن الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي"، متسائلاً: "تخيّل كيف لو وظفت هذه الأموال في التنمية الحقيقية؛ لتحققت مكاسب كبيرة في تنمية الإنسان، والوطن، ولعل إنشاء هيئة لمكافحة الفساد؛ لتكون رافدا مهما في الرقابة على المال العام، سيضيق الخناق على المعتدين، وسيخفض مقدار الهدر المالي، وهي خطوة بلا شك، ستجعل المجتمع واعياً لحقوقه، ومدركاً لمسؤولياته". وأوضح أنّ مصطلح المال العام، حق لمجموع الناس، باعتبار أنّ المال العام عند الفقهاء، ملك للمسلمين، بل جعله بعضهم: بمنزلة مال اليتيم في وجوب المحافظة عليه، وشدة تحريم الأخذ منه، وحمايته حينئذ تكون فريضة شرعية، ومسؤولية فردية، وجماعية؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدد الذمم المالكة له. وأشار "د.القويعي" إلى أنّ ضعف القيَم الإيمانية، والأخلاقية، والجهل بفقه حرمة المال العام، والتقصير في حمايته، من الأسباب الرئيسة المؤدية إلى الاعتداء على المال العام، وحين يتجرد هؤلاء من إنسانيتهم، وينخلعوا من وطنيتهم، فلا تسل حينئذ عن سرقة الأموال الطائلة، ونهب المرافق العامة، والاعتداء على الأراضي الشاسعة. د.سعد القويعي