سمعت من قيادات إسلاميّة كبيرة أن جماعة الإخوان المسلمين تلقّت رسائل عبر "وسطاء" تفيد بأنه من المستحيل أن تُسلم "السلطة" لتيار سياسي واحد، أيا كان وزنه الجماهيري. الرسالة كانت تعني أنه يتعيّن على الجماعة البحث عن "حلّ" لهذه المشكلة، عبر مدّ جسور التواصل مع القوى السياسيّة الأخرى، على نحو يفضي إلى خريطة برلمانيّة "آمنة".. أي لا تعطي "الكعكة" كلها لتيار سياسي واحد. ويبدو أن تلك المعلومات "صحيحة"؛ إذ جاءت تحركات الجماعة قبل الانتخابات التي جرت جولتها الأولى قبل الأسبوع في سياقها، من حيث الترتيب والتنسيق مع القوى السياسيّة الأخرى. ويبدو لي أن جزءًا من الإجابة عن سؤال "نقْل السلطة" في مصر.. يمكن استخلاصه، من تلك المخاوف، والقلق من هيمنة قوة سياسيّة واحدة على المؤسّسات المنتخبة بعد الثورة.. لاسيّما وأنّ القلق لم يكن "محليًّا"، وإنما عابر للحدود.. فيما تعزّز التصريحات المتعجّلة من بعض الإسلاميّين، الخاصة ب"أسلمة البرلمان" و"الدولة"، من تلك المخاوف ليس فقط داخل الفصائل التي توصف بالمدنيّة وإنما أيضًا بين قطاع ليس بالقليل من التيار الإسلامي ذاته.. فضلاً عن الخوف النمطي والمعتاد داخل أوعية وقنوات صناعة القرار الدولي في الغرب. ويبدو أيضًا أن صدام قوائم الإسلاميّين في عدد من الدوائرالانتخابيّة.. يأتي في سياق "قصقصة" الوجود الإسلامي أو "هندسته" على الشكل الذي يشجع السلطات العسكريّة على نقل السلطة إلى حكومة مدنيّة يبعث تشكيلها برسائل "طمئنة" للجميع. المسألة في مصر، ليست هيّنة، فهي شديدة التعقيد، فيما يظلّ أداء النخبة خارج دائرة السلطة، هي الأقل "وعيًا" أو نضجًا خاصة فيما يتعلق ب"الإبداع السياسي" والتجرّد في العمل من أجل مصر الجديدة. وهي "محنة" أخرى موروثة من عهد الرئيس السابق؛ إذ ليس "الإسلاميّون" وحدهم هم مصدر القلق على النحو الذي أشرت إليه فيما تقدّم.. وإنما أيضًا الخبرات السياسيّة للنخبة "المدنيّة"، فهي إما ضعيفة أو فاسدة أومخترقة.. أو "بليدة" على مستوى القدرة على وضع الخطط والتصوّرات والأجندات المبهرة والجادّة أو الحلول العبقريّة لتجاوز مأزق اللحظة الانتقاليّة كما فعل التونسيّون بشكل انتزع إعجاب العالم. هذا كله لا يبعث على التفاؤل .. وإذا كان ثمّة مخاوف من "طمع" العسكريّين في السلطة.. فإن هذا الوضع إذا استمر كثيرًا سيكون عونًا على تلك "الإغراءات".. ما يلقي مزيدًا من المسؤوليّة على عاتق القوى السياسيّة المتصدّرة المشهد الآن.. ونأمل أن تتصرّف بمسؤوليّة حقيقيّة إزاء هذه المخاطر.. وإلاّ فستكون "متورّطة" بشكل مباشر في تسليم البلد تسليم مفتاح للعسكر مجدّدًا.