يميز الدول عن بعضها وجود تنظيمات ولوائح تحكم علاقات الناس ببعضها وبالآخرين أفقيا ورأسيا، ويميزها أكثر في حال وجودها مدى دقة تنظيمها والالتزام بها من قبل الجميع، ولكن الأكثر تمايزا حداثة تلك الأنظمة ومواكبتها للعصر والمستجدات، ولدينا أنظمة وتشريعات جيدة وضعها خبراء مختصون سعوديون من أعلى درجات العلم والخبرة التي تلقوها من أرقى الجامعات في العالم مستعينين بخبرات وتجارب مختصين من دول عديدة ولديهم القدرة على تحديث هذه الأنظمة والتشريعات أولاً بأول، غير أن ما يلاحظ على كثير من الأنظمة المقترحة بطء إجراءات إقرارها والتي تأخذ أحيانا سنوات في رحلتها من جهة لأخرى ومن تعديل لنقض لإعادة دراسة لرفعها مرة أخرى وعندما يتم إقرارها أخيرا بعد هلهلة التعديلات تكون خارج نطاق العصر وتحتاج مرة أخرى إلى إعادة نظر وتعديل، فكم من الأنظمة التي قضت عمرا بين لجان الوزارة ومجلسي الشورى والوزراء وهيئة الخبراء والأمثلة على ذلك معروفة في كل جهة بعضها صدرت أنظمتها محتاجة وقت صدورها إلى تعديل وبعضها الآخر ما زال حتى الآن في أروقة الدراسة والمراجعة تمهيدا لإقرارها مثل نظام العنف الأسري الذي انتهت اللجنة منه منذ سنوات وجائزة الدولة التقديرية التي صدر الأمر السامي بإنشائها منذ عام. وقد أدرك كثير من المسؤولين هذه العقبة فلجأوا إلى وسيلة هروبية هي اللوائح على اعتبار أن اللوائح أقل مرتبة من النظام وهي لائحة داخلية من اختصاص الوزير أو الوزارة وتظل مقيدة بحدود الأنظمة، ولذلك تحاول اللجان أن تجد مخارج وحلولاً وتبريرات روحية (نسبة إلى روح النظام) وليس هدفها وضع أنظمة عامة تحكم الموضوعات التي اجتمعوا لأجلها فتكون ترقيعا للثوب وليس تعديلا له وبالتأكيد ليس ثوبا جديدا.