أوضح الشيخ «حمد بن عبدالله بن خنين» -المستشار الشرعي- أنّ الحياة الإنسانية متغيرة ومتطورة ولابد من ضبطها ضمن منظومة قانونية لتحقيق الاستقرار والازدهار، فالشريعة الإسلامية في بعض الجوانب والتفصيلات الفرعية تركت - رعاية وإشفاقاً - لولي الأمر إقرار ما فيه مصلحة الجماعة على أن لا يخالف الإطار العام للشريعة ولا يخالف أساسياتها، فتركت لولي الأمر إقرار ما فيه مصلحة للجماعة ولا حل لذلك إلا بوجود تقنين متكامل يضبط تصرفات البشر ويحكمها ويخاطبهم بصفاتهم لا ذواتهم. وأضاف: من هذا المنطلق فقد صدر في المملكة عدد كبير من الأنظمة واللوائح والمواثيق والمعاهدات الدولية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ومن بعده أبناؤه -رحمهم الله- وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي توج الأنظمة السعودية باهتمامه وحرصه على التقنين والتنظيم لضبط الأمن والاستقرار، وكذلك لتمنية الحياة ولتنظيم العلاقات بين المواطنين بعضهم ببعض وبين المقيمين والحكومة والعالم الخارجي لتسهيل أمور الحياة والبعد عن التعقيدات، وإبراز حقوق الإنسان وكرامته بشكل نظامي، حيث تم إنشاء مركز وطني خاص بالأنظمة واللوائح هو المركز الوطني للوثائق والمحفوظات والذي من ابرز مهامه هي تجميع الأنظمة واللوائح والتعليمات والاتفاقيات والمعاهدات والإشراف على طباعتها. توثيق الأنظمة وأشار إلى إن الدراسة تهدف إلى عدد من الأمور أهمها إبراز جهود حكومة خادم الحرمين الشريفين في مجال الأنظمة والحقوق، وتوثيق الأنظمة واللوائح السعودية والمعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها المملكة، وتفعيل وإبراز الأنظمة واللوائح السعودية للعامة ،نشر ثقافة الحقوق، والكشف عن الجهات الأكثر تنظيما بالأرقام، والكشف عن الجهات الأكثر احتياجا للتنظيم، ومحاولة دمج وتعديل بعض الأنظمة القائمة حاليا، مراجعة الأنظمة وتحديثها وتطويرها، حصر الأنظمة واللوائح والمعاهدات بالأرقام والتواريخ قدرت نتائج أحدث إحصائية عن الأنظمة واللوائح السعودية والمواثيق والمعاهدات في عهد خادم الحرمين الشريفين بأن أكثر الجهات المستفيدة من الأنظمة واللوائح هي القطاعات التجارية، حيث بلغت عدد أنظمتها ولوائحها 86 نظاما ولائحة، بينما كانت أقل الجهات المستفيدة من الأنظمة واللوائح هي قطاع الرياضة والتدريب بنظام واحد لكل منهما، كما كان احدث الأنظمة السعودية هو نظام عقوبات نشر الوثائق والمعلومات السرية وإفشائها الصادر بتاريخ 8/5/1432ه. وأضاف: أما أقدم الأنظمة السعودية فهو نظام المحكمة التجارية الصادر عام 1350 ه، طبقا للمركز الوطني للوثائق والمحفوظات الذي بلغت فيه 405 أنظمة، أما عدد اللوائح المنشورة في المركز الوطني للوثائق والمحفوظات 327لائحة، وعدد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنشورة في موقع المركز الوطني للوثائق والمحفوظات 86 وثيقة. صيغة تنفيذية وقال «ابن خنين»: إنّ دولتنا الرشيدة وضعت لنا أنظمة وتعليمات راقية تحفظ حقوق الإنسان، ولكن نجد وقائع وصور وتجاوزات، مما يتطلب معه إيجاد صيغة تنفيذية ولجان رصد ومتابعة للحد من تفشيها ووضع الخطوات التي تسهم في رد تلك الفجوة التي نعاني منها، فتقف تلك الأنظمة مجاراة تلك الانتهاكات، لابد أن توجد الآلية الملائمة لتنفيذ تلك القرارات والأنظمة والتعليمات ومحاسبة المتجاوز وردع الظالم، فلا يكفي أن توجد تلك الأنظمة والأحكام التي تضمن حقوق الإنسان بدون أن نضعها موضع التنفيذ من خلال الممارسة الفعلية وتطبيقها على أرض الواقع، ولعل الراصد لتلك التجاوزات يدرك تماماً ذلك التفاوت في التطبيق والمتابعة وإزالتها وعدم تكرارها وزرع الثقافة الحقوقية التي تجعل منها الأهمية باحترام وتعزيز هذه الحقوق وتوعية المجتمع والجهات الرسمية ذات العلاقة، ليستطيع المتظلم الحصول على كامل حقوقه الذي ضمنها له التشريع والنظام كي يثق في تلك الأنظمة وينطلق حراكه للمطالبة بحقوقه وهو مطمئن البال، ولكي تتضاعف المسؤوليات لتطوير آليات حفظ المكاسب والحقوق. وأضاف: قد يصاب المرء بخيبة الأمل إذا لم يجد من يحميه بتطبيق تلك الأنظمة، مؤكداً على أنّ الإصرار والتحدي والتصدي هو الخيار الناجح والسعي الحثيث لتجاوز كل هذا الصعاب بتحمل المسؤولية وزرع المثالية والقدوة الحسنة، ومحاصرة كل بؤر التعدي على الحقوق والمتابعة والمحاسبة لتطبيق الأنظمة وتحفيز الناس للدفاع عن حقوقهم، وتجسيدها في المجالين العام والخاص، لنقضي على ضعف التطبيق ونوازي بذلك قوة النظام ونحفظ لحقوق الإنسان هيبتها ووقارها للنهوض بالتقدم الاجتماعي، وتحسين مستويات الحياة وضمان الحقوق والحريات الأساسية.