قضيت مساء البارحة في صحبة كتاب عن الثقافة ومتطلبات تنميتها بعنوان (نحو مجتمع المعرفة: متطلبات التنمية الثقافية والأمن الفكري في المملكة العربية السعودية) للدكتور محمد سالم الصفراني. كان الكتاب يتحدث عن ضرورة التنمية الثقافية لتكوين مجتمع المعرفة. ومجتمع المعرفة كما يعرفه الكاتب: «يقوم أساسا على نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها بكفاءة في جميع مجالات النشاط المجتمعي، الاقتصاد والمجتمع المدني والسياسة والحياة الخاصة وصولا لترقية الحالة الإنسانية باطراد، فمفهوم مجتمع المعرفة يتضمن ثلاثة عناصر رئيسة هي، نشر المعرفة وإنتاجها وتوظيفها، ولا يمكن لهذه العناصر أن تتبلور في واقع علمي في ظل غياب التنمية الثقافية ومتطلبات تحقيقها». وما يهمنا هنا هو رؤية الكاتب حول الوسائل المعينة على تنمية الثقافة في المملكة، خاصة أن وزارة الثقافة هذه الأيام تستعد لعقد منتدى المثقفين الثاني، وقد يكون من الملائم استعراض بعض ما جاء في الكتاب من أفكار ومقترحات تتعلق بهذه الناحية. يطرح المؤلف عددا من المقترحات يرى أنها تعين على التنمية الثقافية في المملكة، ذلك مثل إنشاء وزارة مستقلة للثقافة، تلحق بها الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الملحقيات الثقافية المتناثرة في السفارات السعودية خارج المملكة بعد استثناء الجزء التعليمي فيها الذي يرى إبقاءه مرتبطا بوزارة التعليم العالي. واستحداث وزارة للبحث العلمي لدعم الناحية البحثية والعلمية، وكذلك الاقتراح بتأسيس صندوق التنمية الثقافية على غرار صناديق التنمية الصناعية والتنمية الزراعية والتنمية العقارية، كي يكون عونا للمثقفين وقت أزماتهم المادية أو عند الحاجة إلى رعاية مشاريع بحثية أو فنية أو غيرها من المشاريع المتصلة بالشأن الثقافي. وأيضا مقترح بتحويل النوادي الأدبية إلى مراكز ثقافية تضم فروعا لكل المؤسسات والجمعيات الثقافية المختلفة. ومقترح باستحداث اتحاد للكتاب السعوديين كالمعمول به في الاتحادات الرياضية، وتأسيس هيئة عامة للكتاب، ومجلس وطني للثقافة والفنون والآداب، وخصخصة قطاعي التلفزيون والإذاعة وفصلهما عن وزارة الثقافة، وهناك غير ذلك من المقترحات التي يراها ذات علاقة بالتنمية الثقافية. من المتوقع أنك قد لا توافق المؤلف على كل ما جاء به من ذلك الحشد الوافر من المقترحات حول التنمية الثقافية، لكنك في غالب الأمر لا يمكن لك الهرب من الوقوع في شباك التأمل والتفكير حولها.