إعلاميون يطمئنون على صحة العباسي    التأكيد على توازن أسواق النفط    دشن الصيدلية الافتراضية وتسلم شهادة "غينيس".. محافظ جدة يطلق أعمال المؤتمر الصحي الدولي للجودة    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    إشادة أوروبية بالتطور الكبير للمملكة ورؤيتها 2030    في الجولة ال 12 من دوري روشن للمحترفين.. ديربي يجمع الشباب والهلال.. والاتحاد في ضيافة الاتفاق    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    الاتفاق يتمسك بالصدارة الخليجية    قمة آسيا للذئاب    الزميل رابع يحتفل بزفاف إبنه د. صالح    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    مشروعات طبية وتعليمية في اليمن والصومال.. تقدير كبير لجهود مركز الملك سلمان وأهدافه النبيلة    اليونيفيل ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان وتؤكّد مواصلة أداء مهامها    ترحيب دولي بوقف النار بين حزب الله وإسرائيل    أمين الرياض : تدشين قطار الرياض يعكس حجم الطموح الذي تحمله القيادة الرشيدة لمستقبل العاصمة    وكيل إمارة جازان يفتتح برنامج المخدرات عدو التنمية    الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية لمدينة الرياض يشكر القيادة على افتتاح مشروع قطار الرياض    مجلس شؤون الأسرة يرعى كرياثون "الإبداع في الأسرة"    استطلاع: 60 % سيستخدمون مترو الرياض للذهاب للعمل والمدارس    وزير الثقافة يوجه بتمديد معرض "بنان" حتى 30 نوفمبر الجاري    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    طريف تسجّل أدنى درجة حرارة بالمملكة    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم بالمنطقة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "أنا المدينة".. تجربة واقع افتراضي تنقل الزوار إلى العهد النبوي    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    هؤلاء هم المرجفون    اكتشاف علاج جديد للسمنة    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف أصبح الفشل في التطوير لدينا ظاهرة؟

إذا أردت إحداث أي تغيير نحو الأفضل فيجب أن تبدأ بالبشر. عامل القدرات الآدمية القيادية هو الهدف الأول للتحديث، وهو العامل الأول أحياناً في إفشال هذا التحديث
أصبحنا في السنوات الأخيرة نتحدث كثيراً عن تأخر بعض المشاريع التطويرية في المملكة، حتى أصبح هذا التأخير من الأمور الظاهرة التي أخشى أن نعتاد عليها، ونتقبلها كما تقبلنا غيرها. نحن في المملكة كما هي ربما طبيعة البشر على وجه العموم لدينا قابلية الرضوخ للأمر الواقع كحقيقة، حتى لو كان في الأصل خطأ، والأمثلة على ذلك كثيرة ولا توجد ضرورة للتذكير بها. الحقيقة التي قد تبدو مُرة أن التطوير يجب ألا يؤخذ بالبساطة والعفوية التي نتعامل معها، لسبب مهم وحاسم ذلك أن التأخر في تنفيذه لا يضر فقط الطرف المستفيد، وهم المواطنون بشكل عام؛ بل قد يلغي الفكرة برمتها. ذلك أن كثيراً من برامج التطوير أصبحت تتغير بالسنة ونصف السنة، وأقصد بذلك الوسائل والمعدات والبرامج، حتى أصبح بعض المصنّع أو المُخطط له من عشر سنوات لا قيمة له اليوم. ولهذا فالتأخير في مثل هذه الحالة يُفقد المشروع برمته القيمة المنتظرة منه، وتصبح أي محاولة لتحويله إلى "الجديد" أكثر تكلفة من الجديد نفسه.
لكن لماذا يحدث ذلك وما هي العوامل المساعدة لإفشال هذه الخطة أو تلك؟ وللتوضيح، فإن البرامج التطويرية التي قصدت التحدث عنها حتى تتضح الصورة هي تحديداً تلك التي وجهت لقطاعي التعليم والقضاء بشكل خاص.
الحقيقة التي لن يختلف عليها اثنان أننا ننهج طريقة منقوصة في إحداث التطور المنشود. كيف؟ لنأخذ التعليم مثلاً، مع عشمي ألا يتحسس أي مسؤول من هذا الكلام. أتت الأوامر صريحة ومباشرة بتغيير نمط التعليم وتطوير المناهج ووسائل التدريس، لكننا نتطلع إلى مسؤولين تنفيذيين هم أصلاً السبب وراء تخلف هذا التعليم من الأساس. ها هو هذا البرنامج "مكانك سر" رغم وجود الاعتمادات المالية الكبيرة ببلايين الريالات. ورغم وجود المقر الكبير للهيئة المختصة بتطويره في طريق المعذر، والعمل والدوام الرسمي الذي يمارسه العاملون به، والذي يبدو أنه يسير يومياً بلا غياب أو مماطلة، لكن بلا نتائج موازية. تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن هذا البرنامج لا يخضع في لوائحه الخاصة للمكافآت والبدلات وما في حكمها لمواد الخدمة المدنية، بمعنى أن المكافآت التي يحصل عليها هؤلاء الخبراء كثير منهم موظفون في وزارة التعليم نفسها تزيد كثيراً عن سلم رواتب الدولة.
القضاء في الجهة الأخرى يئن تحت وطأة قدامى المسؤولين فيه، ولم يحرك هو الآخر ساكناً، بالرغم من مرور ما يقرب من أربع سنوات على الأمر بتطويره. أسباب ذلك واضحة كما هي في حال التعليم، وهي أننا كلفنا من لم يستطع عمل أي شيء في عقود مضت أن يطور هذه "التركة" المترهلة بالمعوقات، وكلنا يعلم أن فاقد الشيء لا يعطيه، ذلك أن من أنيط بهم هذا التطوير كان يفترض أن يطوروه منذ زمن بعيد، طبعاً وكما هو حال التعليم لم ينجح أحد.
نستطيع أن نخلص إلى نتيجة حاسمة، بل وعلمية تدعمها كل التجارب المشابهة في العالم، إذا أردت إحداث أي تغيير نحو الأفضل فيجب أن تبدأ بالبشر. عامل القدرات الآدمية القيادية هو الهدف الأول للتحديث، وهو العامل الأول أحياناً في إفشال هذا التحديث، بمعنى إذا أردنا تطوير القضاء فيجب أن نستثني من هذه المهمة "بعض" كبار المسؤولين الأوائل، الذين لم يفعلوا شيئاً معتبراً. الخطوة الأخرى وأراها مهمة جداً هي أن تحال القضية برمتها إلى فريق أجنبي متخصص لا علاقة له أصلاً بجهاز القضاء القائم؛ إلا من باب المراجعات والحاجة الوقتية إلى المعلومات، هذا ما كان يفترض أن تقوم به وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء من اليوم الأول لمباشرة المهمة المتعلقة بالقضاء. وهذا ما كان يفترض أن تفعله وزارة التربية في موضوع تطوير التعليم المنتظر. إذاً فأولوية التغيير تتعلق بالشخوص، وتركز على وجود العقول والمواهب والقدرات البشرية القادرة على ذلك. لكن لم يقدم أحد على إجراءات جريئة كهذه واستبدال القيادات القديمة، وفي ظل هذا الوضع نصبح كمن يطلب من المريض أن يشخص المرض ويأتي بالعلاج.
بإمكاني أن أتناول أمثلة أخرى كالخطوط السعودية، التي كان يفترض أن تتحول إلى شركة مساهمة ومنذ سنوات، لكن مديرها المهندس خالد الملحم لم يفعل شيئاً مع الإدارة السابقة غير القادرة على استشراف هذه الحاجة ناهيك عن تنفيذها. وها هي الأمور تتحرك ببطء شديد، وأصبح من يطالب بتطوير هذه المؤسسة العريقة كمن يطالب السباح بالسباحة وفوق ظهره كتل من الأوزان الثقيلة، التي لا تعيق حركته فقط، بل وقد تتسبب في غرقه إذا لم يمد إليه أحد طوق نجاة من وقت لآخر.
هل نعيد النظر في هذه الخطط وطرق تنفيذها، وننفض غبار التردد المحيط بالحديث عنها، وكشف طلاسمها بكل تواضع أمام الرأي العام؟ أعرف أن هذه الجهات وقعت عقودا مع بعض الأطراف الأجنبية لكن بلا نتيجة، هل نعترف ونكشف عيوب الخطط التنفيذية حتى الآن، ونلغي هذه السرية ونقتل الجدل القائم بالمكاشفة؟ في النهاية نحن فريق واحد وفي قارب واحد، والمصالح في النهاية ضرورات هامة لنا جميعاً. نستطيع أن نأتي بعقول متخصصة أخرى للتغيير، لا هم لها إلا النجاح في هذه المهمة. لكن يجب التذكير بأننا إن فعلنا ذلك بضرورة الامتناع عن التدخل بعملهم، والاكتفاء بمحاسبتهم محاسبة كاملة على الوقت؛ هل بإمكاننا منح هؤلاء المختصين الصلاحيات والمرونة اللازمة لإنجاح مهمتهم دون أن يعبث أحد بخطوط الإنتاج؟ هذه تساؤلات في غاية الأهمية إن أردنا استثمار هذه الأموال الطائلة التي ربما لن تتكرر، في مشاريع تأتي بنتائج ملموسة كما تطلع لها ولي الأمر حفظه الله.
وكما افتتحت هذا المقال السريع بالوقت أختتم به. لكل برنامج خطة، ولكل خطة مدة زمنية لتنفيذها، فإذا أهملنا الوقت تداخلت كل الأمور، وتبعثرت الأولويات، وضاعت الأهداف في مهب الريح، وأصبح ما كنا نطمح إليه منتهي الصلاحية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.