حينما قررت أن أجري حوارا صحفيا مع الدكتور عبد الله العثمان كان السبب وراءه يرجع لظاهرة التحول التي سمعتها عن جامعة الملك سعود ،والرغبة الجامحة التي داخلتها كي تجعل لها مكانة مرموقة بين جامعات العالم ،وتحديدا بعد التصنيف العالمي للجامعات السعودية الذي يعتبر نقطة تحول كبيرة في حركة التغيير في الجامعات ، وإن كان للتغيير في التعليم العالي عبر مؤسساته – الجامعات – قائد فإن الدكتور عبد الله العثمان هو القائد البارز في حركة التغيير في الجامعات حيث يعد من أوائل مديري الجامعات الذين أعلنوا موقفهم من الوضع الراهن .. هذا التمهيد هو بوابة لمعرفة شخصية الضيف الذي نحاوره في هذا الحوار ، وعلى الرغم من الإعداد الجيد لمقابلة الدكتور العثمان ، المتضمن القراءة عن منجز الجامعة وأهم ما نشر عنها مما جعل لدي تصورا عاما عن أبرز القضايا التي سأحاور ضيفي فيها إلا أن حضوري قبل الموعد بساعات قلب كل الأوراق وكان التقديم في الوقت فرصة لي لزيارة كثير من مرافق الجامعة وبعض كلياتها..ولست مبالغا اذا قلت إن الجامعة لم تكن جامعة عادية بل كانت ورشة أو خلية نحل إذ تشاهد بعض الملامح والصور التي تجعلك تشك أنك في جامعة بحسب المفهوم التقليدي القديم وهو طلاب وأساتذة ومبانٍ وملاعب وغيرها من المعالم التقليدية ، لكن أن تتفاجأ بصور مغايرة فتحضر كبرى الشركات في الجامعات وأشهر الشخصيات الاقتصادية ..لقد شعرت بشيء من الدهشة : كيف ولماذا حدث هذا إنها حركة تصحيحية وتطويرية للجامعة .لا نريد أن نطيل في الحديث لأن الحوار قادر أن ينقل للقارئ ماذا يحدث في جامعة الملك سعود ..وباختصار شديد هو حوار عن ميلاد جامعة عالمية . جامعة الملك سعود في عهدكم حققت نقلة مغايرة لما سبق، لماذا حدثت هذه النقلة في تصورك؟ -حدثت هذه النقلة – إن جاز التعبير – لعدة متغيرات، كذلك هناك أسباب وراء ذلك منها أن الجامعة ينبغي أن تتحرك من المكان الذي هي فيه.أمّا عن المتغيرات فهناك ما يخص الجامعة ومتغيرات أخرى تخص المملكة وهناك متغيرات عالمية. في ما يخص المملكة نجد زيادة عدد الجامعات من 8 – 33 جامعة حكومية وأهلية مما تسبب في تغيير الوظيفة الرئيسية لجامعة الملك سعود التي لم تعد وظيفتها الرئيسية هي قبول خريجي الثانوية العامة فقط. فجامعة الملك سعود درست تجارب (93) جامعة عالمية مرموقة في أكثر من (13) دولة وتكونت لديها ثقافة أبرزها معرفة خصائص الفترة الزمنية التي نعيشها لأنك لا تستطيع أن تبني رؤية ورسالة وأهداف محددة وأنت لا تعرف خصائص الزمن الذي تعيشه.خصائص الزمن الذي نعيشه في القرن الحادي والعشرين أنه ليس امتداداً طبيعياً للقرن العشرين ولا يربطهما سوى صفة الزمن. فنلاحظ أن من أهم الخصائص في القرن الحادي والعشرين – حسبما اقرأه أنا عبد الله العثمان - أن الله سبحانه وتعالى نقل أرزاق الناس من باطن الأرض الذي ينضب إلى العقل البشري الذي لا ينضب وهذا ما نسميه اقتصاد العقول أو الاقتصاد المعرفي إن جاز التعبير. هذا جعل الجامعات في العالم وخاصة الدول المتقدمة أن تغير من فلسفتها التعليمية انطلاقاً من مجموعة من المبادئ والأسس. أن الشيء الذي يجسر الفجوة بين الثروة والفقر هو إنتاج المعرفة ، وكذلك فإن المصادر والثروات للأفراد والدول والشعوب تأتي من مصدرين رئيسيين، المصدر الأول جيل متعلم، والمصدر الثاني أفكار إبداعية. بالتالي هذا جعل الاقتصاد العالمي غير مبني على الثروات الطبيعية. 57% من الاقتصاد العالمي هو اقتصاد معرفة. ركزت جامعة الملك سعود على دراسة تجربة ال MIT لأنك إذا أردت دراسة أمر ما تدرسه من خلال T Shape. قمنا بدراسة (93) جامعة بصورة عامة لكنا تعمقنا في 10 منها من ضمنها MIT أو هارفارد. لو جمعنا التأثير الاقتصادي الذي خرج من رحم MIT بصورة مباشرة أو غير مباشرة وجمعنا الأموال التي تكونت سواء من تأسيس شركات ووضعناها كأموال دولة سنجد أنها تحتل المرتبة الحادية عشرة اقتصادياً على مستوى العالم.كذلك أسهمت MIT في خلق 3 ملايين فرصة عمل خلال العشرين سنة الماضية، كما أسهمت في الاقتصاد الأمريكي خلال العقدين الماضيين بأكثر من تريليوني دولار. بالتالي لا بد من إدراك أن الجامعات لم تعد تقليدية تفتخر برحلتي الشتاء والصيف، رحلة القبول صيفاً ورحلة التخرج شتاءً. الأمر الثالث هو سقوط مفهوم المواءمة مع سوق العمل وهي أن أعلى 10 وظائف من ناحية الطلب في سوق العمل عام 2010م تختلف عن تلك التي كانت موجودة في 2004م. بالتالي صارت هناك ديناميكية وسرعة تغير غير عادية. هذا الوضع يقتضي على أي دولة تستشرف المستقبل سواء كانت في الشرق أو الغرب أن تنتقل من مجرد جامعة تقليدية تفتخر بحفلات التخرج إلى جامعة منتجة تصنع فرصة العمل للخريج. الجامعة وإعادة الاكتشاف قبل الدخول في تفاصيل تطوير الجامعة أقول إنكم من وزارة التعليم العالي ، فلما لم نر مثل هذا التوجه في عهدكم السابق حيث كنت وكيلاً للوزارة؟ - لا أنسب شيئاً لنفسي ، فنحن فريق عمل سواء كنا في وزارة التعليم العالي أو في جامعة الملك سعود. هذا الحراك الذي حدث في الجامعة هو أحد ثمرات وزارة التعليم العالي عام 1424 – 1428ه. في العام 1424ه أعد مشروعاً أطلق عليه اسم مشروع الأمير عبد الله للتعليم العالي «عندما كان ولياً للعهد». تشرفت ومعي معالي الوزير وشخص آخر بتقديم المشروع للأمير عبد الله في ذلك الوقت في 9/1/1425ه. كان هذا المشروع يتكون من مجموعة من العناصر: كجامعات المناطق و خطة إستراتيجية أو متطلبات الخطة الإستراتيجية والتعليم العالي الأهلي ووظائف المعيدين ووظائف التعليم الأهلي وعدد من البرامج. شهادة حق أن الملك حفظه الله وافق على كل المشروع. هذا التغير الكمي فرض على جامعة بحجم جامعة الملك سعود أن تعيد اكتشاف نفسها من جديد وأن تأخذ لها وظيفة غير الوظيفة التقليدية التي كانت تقوم بها. قبل 9/1 كانت كل الموارد المتاحة في جامعة الملك سعود كانت تخصص فقط للوظيفة التعليمية، بعد هذا التغير والنقلة الكمية في عدد الكليات وعدد الجامعات وعدد المبتعثين وانتشار التعليم العالي مكن جامعة الملك سعود من التفكير في وظائف جديدة. لا يمكن لجامعة عمرها (54) عاماً أن تمارس نفس الدور الذي تمارسه جامعة ناشئة عمرها سنة واحدة. بالتالي تم وضع خطة إستراتيجية للعشرين سنة القادمة ، بواسطة فريق وطني من داخل الجامعة، بعد أن تعاقدت الجامعة من مكتب خبرة أمريكي ساهم في وضع أفضل الخطط الإستراتيجية لأفضل 100 جامعة. استفدنا من خبرة هذا المكتب ومن هذه الشراكة وبالتالي انطلقنا وتمكنا من معرفة ما تريد الجامعة أن تكون عليه عام 2030م. أنشأتم العديد من الكراسي البحثية وتميزتم بالانفراد والاستحواذ على عدد كبير منها ،فهل كانت هناك خطة تسويقية تم تنفيذها لتجميع كل هذه الكراسي؟ - برنامج كراسي البحث هو جزء من منظومة متكاملة. جامعة الملك سعود بنيت خطتها الإستراتيجية على معالجة مجموعة من القضايا ، من أهمها أربع قضايا رئيسية؛ هي التمويل والجودة والقبول وسوق العمل، ولا أقول المواءمة مع سوق العمل. جئنا للتمويل واستعرضنا كل الخيارات المنطقية للتمويل بدءاً من إقناع الحكومة بزيادة التمويل الحكومي إلى الإعلان عن برنامج الأوقاف والإعلان عن برنامج كراسي البحث إلى الإعلان عن قيام شركة وادي الرياض كذراع استثماري للجامعة. برامج كراسي البحث تدخل في إطار البرامج التمويلية لجامعة الملك سعود. وضعنا خطة كانت متحفظة وتقوم على جمع (48) كرسي بحثي خلال أربع سنوات من 1428ه إلى نهاية عام 1431ه. وضعت الجامعة خطة تسويقية مبنية على تحسين الصورة الذهنية للجامعة. في 1426ه أثر التصنيف العالمي بصورة كبيرة على الصورة الذهنية لجامعة الملك سعود وعلى التعليم الجامعي بشكل عام ، لأن جامعة الملك سعود هي أم الجامعات وأقدمها وعليها مسؤوليات كبيرة جداً. أعلننا عن كراسي البحث وفي أول سنة تجاوزنا (90) كرسي، وأؤكد لك أن للجامعة حالياً (118) كرسي لم تبذل الجامعة أي جهد للحصول على آخر (60) كرسي ولم تأت إلا عبر مبادرة ذاتية تلقائية. الجامعة كذلك لم تصرف ولا ريال واحد في كل المبالغ التي تم جمعها، بل استثمرت أموالها في أوقاف الجامعة، لأن برنامج كراسي البحث هو برنامج تمويلي على المدى الطويل. جامعة الملك سعود لا تنفرد فقط بعدد ونوعية الكراسي البحثية، وإنما تنفرد بفلسفة ليست محلية بل عالمية. برنامج كراسي البحث العلمي بالجامعة يملك حالياً محفظة استثمارية عقارية وقفية بمبلغ 450 مليون ريال وهي عبارة عن فندق (243) غرفة وبرج فندقي به (76) جناحاً وتم تأجير كل ذلك.بالتالي فإن برنامج كراسي البحث في جامعة الملك سعود لم يتم تأسيسه ليموت بعد خمس سنوات، وإنما تم تأسيسه حتى يعيش ما دامت الجامعة على قيد الحياة. إحداث التغيير خطت جامعة الملك سعود عدة خطوات وتبعتها بقية الجامعات، حتى التجاوزات الإيجابية التي بدأتها الجامعة صارت تحتذى من بقية الجامعات، هل لخبرتكم في وزارة التعليم العالي دور في مرونة التعامل مع الأنظمة؟ - نظام التعليم العالي تم وضعه عام 1414ه، ولا شك أنه خلال هذه الفترة استجدت أشياء كثيرة. كما أن مجلس التعليم العالي يحاول مواكبة هذه المتغيرات بإحداث تغييرات جزئية على النظام. الجامعة فهمت روح النظام ولم تركز على نصوصه. هناك مجال كبير جدا في النظام لفهم مضمونه ولا تخالف ألفاظه وتحقق الاستقلالية التي تريدها. بطبيعة الحال ليس هذا هو النظام الأمثل، وإنما النظام الأمثل لأي نظام تمضي عليه فترة زمنية هو أن يتم تغييره، ولكن فلسفة المسؤولين عن التغيير أن كل منهم أن يحافظوا على الموجود ويغيروا كل ما يعيقه. هناك فلسفة أخرى جديدة أجد نفسي من ضمن أنصارها وهي إحداث التغيير. لا يمكن أن ننافس الجامعات العالمية المرموقة إلا بنفس الأدوات التي تتوفر لدى الآخرين. جامعة الملك عبدالله مرجعية للجامعات ما هو المطلوب لتحقيق ما تقوله ؟ - يجب أن يغير مجلس التعليم العالي نظامه ويجب أن يتم اختصاره في أربع صفحات خطوط عريضة وتمنح كل جامعة الفرصة لوضع النظام الخاص بها اعتماداً على أفضل الممارسات العالمية الناجحة. لماذا أقول هذا الكلام؟ لأن لدي جامعة سعودية على أرض الوطن لها نظام خاص بها ،وهي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية. هذه الجامعة ينبغي أن تصبح مرجعية للجامعات السعودية لوضع أنظمة تمكن الجامعات السعودية من المنافسة والوصول إلى العالمية. إذا أردنا أن نحفظ حقوق الأجيال القادمة فلن يتحقق ذلك ببراميل الزيت التي نقوم بتصديرها. أليست لديكم نية كمدراء جامعات للمطالبة باستقلال الجامعات وأن تصبح الجامعة قادرة على وضع أنظمتها الخاصة ولوائحها وأن تكون شبيهة بالجامعات في أوروبا والولاياتالمتحدة من حيث الاستقلالية؟ - كلمة الحق يجب أن تقال، ومع تقديري الشخصي لأي مدير جامعة يقول إن النظام لا يمكِّنه من الإبداع فهو مخطئ. جامعة الملك سعود لا تخالف النظام ولكنها اعتمدن على كيفية فهم النظام. لا ينبغي أن يكون النظام شماعة للآخرين لأن به من المرونة الحد الذي تستطيع الجامعة أن تتحرك فيه وأن تصنع الفرق والتغيير. لا يمكن أن ندير الجامعات إدارة مركزية. التعليم العالي في المملكة يمكن أن نقسمه إلى ثلاث مراحل، الأولى هي مرحلة الإبداع والتميز. إذا كان عدد الخريجين في العام 1413ه مناسباً للإمكانات المتاحة وكان لكل جامعة نظام خاص بها. بعد ذلك جاء نظام توحدت فيه الجامعات وهذا النظام به مزايا وبه عيوب. ولكن لقلة عدد الجامعات وزيادة عدد الخريجين تحولت جامعاتنا إلى جامعات تعليمية تدريسية فقط. الحمد لله هناك في الوقت الحالي دعم كبير من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ، وهو دعم فاق كل التوقعات ، حيث تعددت الجامعات وازداد عددها فقد آن الأوان لأن يكون هناك تمايز في الجامعات. هذا يعني أن تكون لدينا جامعات بحثية وأخرى تدريسية وكليات تقنية وكليات فنية وكليات مجتمع. بالتالي ستكون لدينا ثلاث مستويات للتعليم العالي وهذا هو الموجود في جميع دول العالم. إذا نظرت إلى التعليم في ولاية كاليفورنيا ستجد أن نظام جامعة كاليفورنيا هو آخر الأنظمة النخبوية البحثية والتدريسية. جامعة الملك سعود تحاول في الوقت الحالي أن تقدم نموذجاً لجامعة منتجة تكون متخصصة في البحث والتطوير حتى تمكن المملكة العربية السعودية بدلاً من أن تكون دولة مستهلكة للمعرفة تتحول إلى دولة منتجة ومصدرة لها. أبراج عاجية الجامعات تقاس بمدى فعالياتها في المجتمع ومدى خدمتها له. جامعاتنا أخذت سنوات طويلة بعيدة عن مجتمعها وتحتفي بعدد خريجيها أو بأعداد العاطلين. كيف يمكن لجامعاتنا أن تصبح صانعة قرار وتصبح لها سلطة مرجعية؟ - أشكرك على هذا السؤال وهو في غاية الأهمية. لا بد أن نعرف أن من خصائص هذا القرن أن لا تكون الجامعات في أبراج عاجية. من هذا المنطلق وضعت جامعة الملك سعود لنفسها رؤية تتلخص في ست كلمات: «ريادة عالمية» تعنى بضرورة التواصل المعرفي مع الجميع ، لأن المعرفة ليست لها جنسية محددة بعينها حيث نتشارك مع العالم الخارجي في كل شيء حيث لا توجد خصوصية في التعليم العالي. قد يكون للبعض رأي مغاير ولكني أؤمن إيماناً تاماً بأن المعرفة ليست لها جنسية ولا دين، وبالتالي يجب من هذا المنطلق أن نتعامل مع الجامعات العالمية المرموقة، وأن نستقطب المتميز والمبدع بصرف النظر عن جنسيته وعن دينه، وأن لا نوظف السعودي لمجرد أنه سعودي، وأن نوظف السعودي المبدع. يجب أن لا نختزل الوظائف التعليمية». الكلمتان الأخريان هما «الشراكة المجتمعية» وهي ما ذكرته في ثنايا سؤالك، حيث يجب أن تكون جامعاتنا جامعات بلا أسوار.لا أقصد الأسوار المحسوسة بل الأسوار المعنوية. وأن يملك المجتمع هذه الجامعات وتكون جزءاً من منظومته. الكلمات الأخيرة هي «بناء مجتمع المعرفة» وخطة التنمية الثامنة في الفصل التاسع عشر نصت على أنه يجب أن نقوم بتحويل اقتصادنا الوطني من اقتصاد مبني على البترول إلى اقتصاد مبني على المعرفة. من الذي يستطيع أن يقوم بذلك، وما هي أداة الدولة في التحول للاقتصاد المعرفي؟ - بالتأكيد هي مراكز البحوث والجامعات. جامعة الملك سعود تركز على خدمة المجتمع ولا تفعل ذلك بالمفهوم التقليدي الذي يعني مجموعة من الأبحاث والاستشارات. على سبيل المثال إذا أخذنا جانب الخدمات العلاجية سنجد أن جامعة الملك سعود كانت في السابق تقوم بعلاج قرابة 700 ألف مواطن سنوياً، ويتم تنويم 56 ألف مواطن وتجري 32 ألف عملية. وجدنا أن هذه الأرقام غير كافية لجامعة بوزن وحجم جامعة الملك سعود. لذلك وضعت الجامعة مشروعاً لمضاعفة هذه الأرقام. نريد أن نعالج مليون ونصف المليون مواطن، وأن تكون لنا القدرة الاستيعابية لتنويم 150 ألف مواطن، وأن نجري 75 ألف عملية في السنة كخدمة للوطن. من هذا المنطلق فإن الجامعة تقوم حالياً ببناء مدينة طبية متكاملة سوف تنتهي بنهاية العام 2011م لترفع الطاقة السريرية من 800 سرير إلى 1300 سرير وهي مزودة بستة مراكز تخصصية، مركز وطني للسكري ومركز الملك فهد للقلب ومركز الأورام ومركز الرعاية الصحية. في الجانب الطبي نريد أن نخدم ما يعادل 7% من سكان المملكة العربية السعودية وأن تقوم الجامعة بذلك. بالطبع لدينا هدفان الأول هو خدمة المجتمع والثاني أن تكون لدينا مستشفيات تعليمية متميزة. شركات يمتلكها الطلاب اتجهت بعض الجامعات إلى إنشاء أذرع استثمارية لها ومنها جامعة الملك سعود. كيف سيتم ضبط هذه الاستثمارات ومدى قانونيتها ومواءمتها للأنظمة التي تتبع لوزارة التجارة ؟ - بداية فإن الجامعات السعودية لجأت لذلك الخيار حتى تكون منافسة على المستوى العالمي. جامعة هارفارد ليست متميزة فقط لأنها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، بل إن أحد مصادر تميزها أنها تعتمد بنفسها على مواردها الذاتية بنسبة 100% لأن لديها أوقاف بمبلغ 37 مليار دولار. كذلك فإن جامعة ستانفورد تعتمد على نفسها بنسبة 72%. أيضاً الجامعة الوطنية السنغافورية وهي جامعة حكومية – حتى لا يقال إن هارفارد جامعة خاصة – تعتمد على نفسها بنسبة 50%. من هذا المنطلق وضعت جامعة الملك سعود لنفسها خطة لأنها لا تريد لنفسها أن تكون يتيمة حتى ولو كانت في دولة سخية مثل المملكة العربية السعودية. لن تستطيع جامعة الملك سعود أن تبدع وأن تتميز وهي تعتمد 100% على الدولة من هذا المنطلق أوقافاً ووضعت رقماً مخيفاً. وضعنا هذا الرقم لأن طموحات جامعة الملك سعود ليست لها حدود بل حدودها السماء، وأحلامها كبيرة، وعرَّفت الحلم الكبير عندما قالت إن الحلم الكبير هو الذي يجمع الآخرون على التشكيك في تحقيقه. كل ما يجمع الآخرون على إمكانية تحقيقه لا يستحق أن يقال عنه حلم. ما هي أحلام جامعة الملك سعود؟ حلمها أن تكون لديها أوقاف بقيمة 25 مليار دولار. استخدمنا الدولار حتى لا نخيف الآخرين لأنها أقل عبئاً نفسياً من أن نقول 97 مليار ريال. ماذا فعلت جامعة الملك سعود؟ أؤكد لك يا أخي الكريم أننا جمعنا أول مليار ونصف المليار دولار. جامعة الملك سعود وفي إطار خطتها الإستراتيجية تجاوزت المشكلة التي ذكرتها وأسست شركة واستمر العمل لمدة عامين حتى عرضت القضية على المجلس الأعلى الاقتصادي وتم اقتراح إضافة جامعتين أخريين. الجامعة عملت ليل نهار حتى استطاعت إقناع الدولة بتأسيس الشركة، وعندما عرض الأمر على المجلس الاقتصادي الأعلى. بدلاً من أن تخرج الجامعة الطلاب والطالبات كان لدينا بالأمس الحفل الثاني حيث قمنا بتخريج ثماني شركات يمتلكها أحد عشر طالباً من طلاب الجامعة. ما هو دور الجامعة في رعاية وحضانة هذه المشاريع حتى لا تتعرض للانهيار أو الإفلاس؟ - ينبغي أن نسأل أنفسنا في البداية لماذا لجأت جامعة الملك سعود لهذا الأسلوب؟ الجامعة فعلت ذلك حتى تقدم حلاً خلاقاً للبطالة. لا بد أن ندرك أن عدد المقيدين في جميع جامعات العالم 100 مليون طالباً. نصيب المملكة العربية السعودية من هذا العدد هو 1%. لدينا مليون طالب جامعي وهم 900 ألف في برامج التعليم فوق الثانوي في المملكة، و114 ألف طالب مبتعث. أين سيذهب هذا العدد؟ قوة الاقتصاد الآن ليست بحجم السيولة المالية إنما تقاس قوته بقدرته على خلق فرص العمل.إذا لم تتحول جامعاتنا إلى جامعات رائدة تقوم بتخريج رواد أعمال وصانعي فرص عمل وليس مجرد أجراء عند الآخرين بما فيهم الدولة فسوف نتسبب في حدوث مشكلة كبيرة جداً لسوق العمل. من دراسة جامعة الملك سعود للجامعات العالمية وجدت أن كثيراً من جامعات العالمية المرموقة أصبحت تدعم طلابها لتأسيس شركات. كيف صنعت MIT ثلاثة ملايين وظيفة؟ لأنها أسهمت في تأسيس 25 ألف شركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة. كيف استطاعت صنع مبلغ تريليوني دولار؟ لذلك جاء مصطلح Entrepreneur أو رواد الأعمال. وتحالفت جامعة الملك سعود مع جامعة جون شابونغ في السويد وتحتل الترتيب الثامن في العالم في ريادة الأعمال. بدلاً من أن تعطي الطالب شهادة ورقية يطرق بها الأبواب بحثاً عن فرص عمل فإننا نريد له أن يخلق فرصة عمل. الفيس بوك عبارة عن اقتصاد معرفي اخترعه أحد منسوبي هارفارد وقيمته السوقية الحالية 50 مليار دولار. موقع غوغل اخترعه طالبان كانا يعملان في موقف سيارات، عندما طرح في السوق لأول مرة كانت قيمته مليار و 800 مليون دولار. قيمته اليوم 27 مليار دولار. لماذا لا يفعل ذلك طلابنا؟ اليوم لدينا 13 شركة. أول شركة اسمها النداء الآلي يملك طالب في قسم الكهرباء بالجامعة 70% منها والجامعة تملك 30%. لماذا نكون مستهلكين لاقتصاد الدول الأخرى ولدينا مبدعون؟ الجامعة تريد أن تنتقل من جامعة تقليدية تخرج طلاباً يكونون عالة على الحكومة إلى خريجين يوظفون أنفسهم وغيرهم في آن معاً. الأمر صعب بالطبع ولكن إذا لم تتصدى له الجامعة فمن الذي يتصدى له؟ تبرز في شخصيتكم عقلية القطاع الخاص لدرجة أن البعض يقول إنك رئيس جامعة ولست مديراً لها. كيف وظفت رؤية القطاع الخاص ؟ - هذه ليست رؤية عبد الله العثمان بل هي رؤية رئيس أي جامعة عالمية مرموقة وجامعة الملك سعود بها خصائص العراقة.هذا هو تفكير رئيسة جامعة هارفارد إذا سألتها حيث تتفاوض مع الرئيس أوباما حالياً حول تغيير قانون الهجرة حتى تستقطب مبدعين. نفس الأمر ينطبق على جامعة MIT. 70% من العاملين في جامعة ستانفورد من الولاياتالمتحدة. تكلفة التعليم العالي والبحث العلمي باهظة والدول لا تدعم البحث العلمي، حتى في الولاياتالمتحدة، ولكن هناك نظام الأوقاف ونظام الضرائب وهذه تغطي المتطلبات.جامعة الملك سعود في إطار حراكها التطويري الأخير ضاعفت ميزانية البحث العلمي أكثر من 35 مرة. كم كانت ميزانية البحث العلمي في الجامعة سابقاً؟ 32 مليون ريال. لو قسمنا هذا المبلغ على عدد الباحثين لن يكون الواحد منهم حتى 10 آلاف ريال. الجامعة الآن أنشأت محاضن. وادي الرياض الذي يعتبر وادي السليكون السعودي وبوابة المملكة للاقتصاد المعرفي لو أضفنا قيمة الأرض فإنها تبلغ 12 مليار.عندما اقتنعت شركة واحدة بالكفاءة البحثية لجامعة الملك سعود أسست مركزان للبحث والتطوير بمبلغ 750 مليون ريال. هذه الشركة قائمة على بعد 400 كيلو متراً من الجامعة ولديها في محيطها جامعات سعودية أخرى ولكنها اختارت جامعة الملك سعود لسبب واحد؛ وهو أن براءة اختراع كيميائي واحد أسست مصنعاً خاصاً بها في ينبع. ما فائدة البحوث؟ الجامعات السعودية أضاعت عمرها في بحوث توضع على الرفوف. البحث الذي لا يحقق هدفاً من ثلاثة أهداف هو مضيعة للوقت ومضيعة للمال. إما أن يحقق خدمة للبشرية مثل الاكتشافات الطبية وتحسين جودة حياة الناس، أو تكون له قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وهذه الشركات هي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. أو تكون له مساهمة في تحقيق الأمن الوطني. أؤكد لك أن جامعة الملك سعود لا تقوم بأي بحث إلا في إطار هذه الأهداف الثلاثة. سيارة غزال ننتقل إلى تجربتكم في التصنيع: سيارة (غزال) وهي التجربة التي ظهرت فجأة بدون أن تكون لها إرهاصات. نود في البداية أن نسأل عن سبب ظهورها المفاجئ للجميع؟ - المنجز الكبير تسبقه على الدوام أفكار صغيرة. لم تكن لدينا فكرة أن نصنع سيارة ولكن كان لدينا برنامج اسمه تحويل التعليم الهندسي من تعليم نظري في القاعات الدراسية إلى تعليم تطبيقي. في كليات الهندسة قمنا بتحديث الخطة وحكمَّنا الخطة الدراسية في سنغافورة وإندونيسيا، ثم حكَّمناها في أرامكو وسابك وشركات الكهرباء والاتصالات وبالتالي حددنا الجهات المستفيدة من كليات الهندسة. نريد أن نخرج طلابنا لشركات أرامكو وسابك وشركة الكهرباء وشركة الاتصالات والقوات الجوية. هذه هي أهدافنا. حتى نستطيع تلبية احتياجاتهم كان لا بد أن تكون لنا كلية هندسة رائدة. ولا بد أن تكون هناك مشاريع طلابية تطبيقية رائدة.من هنا جاءت الفكرة: لماذا لا تكون مشاريع التخرج لطلاب الهندسة الصناعية عبارة عن أجزاء من سيارة على أن نمكن هؤلاء الطلاب من دورات تدريبية خارج المملكة؟ أصبح لدينا 48 مشروعاً. اكتشفنا أن هذه المشاريع تغطي 65 قطعة من مجموع 116 قطعة هي أجزاء السيارة. هذا هو السبب في كون المشروع مفاجأة. الآن تطورت الفكرة من مجرد تعليم تطبيقي إلى أن تفعل جامعة الملك سعود ما عجز عنه الآخرون؟ وكلاء السيارات مع تقديري الشخصي لهم لا يريدون أن تقوم في المملكة صناعة للسيارات. ذهبنا ودرسنا التجربة الكورية. شراكتنا في غزال أقل من 50% والحمد لله أنها وصلت إلى هذا المستوى. الجميل في الأمر هو أننا قمنا بتحويلها إلى شراكة مع شريك أجنبي وشريك وطني. لا يهمنا أن يتحدثوا كثيراً عن السيارة أو أن ينتقدوها، لأن من خشي النقد فإن أفضل وسيلة له هي النوم وعدم الحراك. هناك من يرى أن جامعة الملك سعود استفادت من تعاطف المجتمع معها باعتبارها الجامعة الأم فأخذت تستفيد من هذا الوضع بأن تكون ميزانيتها أكبر من ميزانيات غيرها من الجامعات ، ما هو ردكم بصفتك مديراً للجامعة؟ - هذا غير صحيح. لا شك أن هناك دعم كبير جداً للجامعة، لكنه لا يزال غير كاف فجامعة الملك سعود لا تزال تحتاج لأضعاف ميزانيتها الحالية. لا أحب المقارنات ولكن جامعة الملك سعود ليست مجرد جامعة بل هي مؤسسة تنموية شاملة. في الجانب التعليمي فإن الجامعة خلال العامين الماضيين أسست وأعادت هيكلة 54 كلية في 20 محافظة في منطقة الرياض وانبثقت عنها ثلاث جامعات. أعطني جامعة أسست خلال عامين ثلاث جامعات. في ما يخص الخدمة العلاجية؛ أعطني أي مستشفى – صغيراً أو كبيراً – في المملكة يقدم خدماته لمليون مواطن سنوياً.الآن لدينا طاقة استيعاب سريرية قدرها 1800 سرير. كم تبلغ تكلفة السرير؟ تكلفة السرير العادي حوالي مليون ريال سنوياً. عند تطبيق المعايير العادية فإننا نحتاج إلى 4 مليارات ريال للمستشفيات فقط. الجامعة تؤسس في الوقت الحالي لإنشاء مدينة جامعية للبنات بتكلفة 7 مليارات وتؤسس لمدينة طبية للمواطن بتكلفة 3 مليارات ريال. أؤكد لك – وليس دفاعاً عن الحكومة أو عن وزارة المالية – أن أي جامعة تقدم مشروعاً ومبرراً فإن وزارة المالية لن تستخدم معه كلمة (لا). ميزانية الجامعة لهذا العام تبلغ حوالي 9 مليارات ريال. اذكر لي مؤسسة حكومية جمعت تبرعات بقيمة 4 مليارات ريال؟ نحن فعلنا ذلك. من يملك هذا المبلغ؟ تملكه الحكومة لأن جامعة الملك سعود مؤسسة حكومية.عبر منبركم في صحيفة المدينة أطلب من الحكومة أن تعطي الجامعة أربعة مليارات مقابل كل مليار جمعته من التبرعات على أن يكون المبلغ 16 مليارات وتضاف إليه التبرعات ويكون لدينا أوقافاً بقيمة 20 مليار دولار. أهم خواص الجامعات في القرن الحادي والعشرين هو استقلالية الموارد الاقتصادية. استقطاب علماء نوبل هناك من يرى أن استقطابكم لكبار العلماء سواء على مستوى الحاصلين على جائزة نوبل أو نظرائهم قد لا يحقق الفائدة المطلوبة للجامعة مقارنة بالتكلفة المادية العالية ؟ - هناك خلاف حول التكلفة المالية لأن البعض يقول إننا نستقدم الشخص الواحد بقيمة مليون ريال وآخرون يقولون بقيمة نصف مليون. إذا كنا نستقدم هؤلاء بالمبالغ التي ذكرت سواء مليون أو نصف مليون أو حتى 200 ألفاً فهذا يعني ضياع ثروات كبيرة. هناك معيار عالمي لهذه الشخصيات. التكلفة المادية لعالم نوبل أقل كثيراً من الفائدة الفعلية التي تحققت في جامعة الملك سعود. لماذا لا نتساءل عن التكاليف إلا عندما نستقدم هذه القامات؟ هناك مؤسسات أخرى تستقطب كفاءات بالملايين على مستويات متعددة. عالم نوبل لا يكلفنا في الزيارة أكثر من 100 ألف ريال وهو قد يبقى لمدة أسبوع أو 10 أيام وهؤلاء يعملون في تخصصات محددة. الكليات النظرية أخذت تتراجع داخل جامعة الملك سعود حيث طغى الاهتمام ببعض الكليات التطبيقية على حسابها ؟ - أبداً. من الممارسات الخاطئة لدينا أن الجامعات السعودية تريد أن تتميز في كل شيء وهذا ضرب من الخيال وطلبت للمستحيل. من أراد أن يصنع كل شيء أضاع كل شيء. لا توجد جامعة في العالم كله تتميز في كل شيء. هارفارد متميزة في الطب والقانون وجامعة يال متميزة في الطب. جامعة الملك سعود تسير على خطة إستراتيجية وخارطة طريق واضحة المعالم. هذه الخطة الإستراتيجية شخَّصت الوضع الحالي الذي لم يرضنا وحددت الوضع الذي نريد أن نكون عليه.نريد الإجادة في كل شيء والتميز في بعض الجوانب. قطار التطوير في جامعة الملك سعود به (22) مقعداً ليجلس عليها (22) معيداً. نستهدف تطوير (4) كليات فقط ولكن هذه الكليات لم تحددها الجامعة بل فتحت المجال للجميع. من حيث التطوير للوظيفة التعليمية فسوف يشمل الجميع، لكنا نريد صرف 90% من مواردنا المالية على أفضل 10% من الباحثين المتميزين في الجامعة. متى يكون من حق البعض أن يغضب؟ إذا قمنا بتحديد هؤلاء مسبقاً. نحن لم نقم بتحديدهم والأمر عبارة عن منافسة. الجامعة تريد أن تكون مرجعية في أربع كليات وثماني تخصصات. التنافس متاح للتخصصات العلمية والإنسانية والطبية، ولكن مدير الجامعة لن يذهب ليسحب العمداء بالسلاسل ليحققوا التطوير. كانت لك كلمة صادمة للطلاب والمتقدمين للجامعة حيث أعلنت في بدايات توليك لإدارة الجامعة أنك لن تفتخر بعدد طلابك بقدر ما كان هاجسك الكبير هو الجامعة ما هي فلسفتك من تلك المقولة؟ - يمكن أن يكون حديثي قد فهم خطأ فالمنتج رقم واحد لأي جامعة أو مؤسسة تعليمية هو الطالب. قصدت من تصريحي أن أقول إنه آن الأوان لجامعة الملك سعود أن تنتقل من الكم إلى الكيف ولا يجب للجامعة أن تفتخر بأن لديها 70 أو 80 ألف طالب. لا توجد في الوقت الحالي جامعة متميزة يتجاوز عدد طلابها 35 ألف طالباً. ولكن الدولة عندما سمحت بزيادة عدد الطلاب والمقبولين في مقاعد الدراسة كانت واضحةً في التوجه في العام 1416ه، هل تعتبر أن توجه الدولة في ذلك الوقت كان خاطئاً؟ - على كل حال فإن ذلك القرار يعتبر قراراً سياسياً وليس قرار جودة ويعالج الأولويات في ذلك الوقت. جامعة الملك سعود في ذلك الوقت قامت بقبول طلاب في الفصلين الأول والثاني ورأت القيادة في ذلك الوقت انطلاقاً من معطيات تلك الفترة أن المصلحة الوطنية تقتضي ضم طلاب الفصل الأول للفصل الثاني. هناك معايير للجودة. إذا أردنا أن نقوم بتطوير جامعاتنا ونفتخر بعدد خريجينا يجب أن تتوفر هذه المعايير، وأحدها هو أن النسبة في الطب لا بد أن تكون 1 إلى 5 وكذلك طب الأسنان 1 إلى 5 . الهندسة 1 إلى 10 والدراسات الإنسانية 1 إلى 17. لا يمكن أن نضع 40 طالباً في فصل دراسي تم تصميمه لعدد 20 طالباً. أي مؤسسة تعليمية تتبع هذا المعيار سوف نعترف لها بالجودة. أي جامعة لا تتبع ذلك لن تحظى بالاعتماد الأكاديمي. جامعة الملك سعود لم تطبق هذه المعايير منذ أول يوم وأسست 54 كلية في 20 محافظة في منطقة الرياض ووفرت البديل. الجامعة أسست كليات في وادي الدواسر وآخرها في الزلفي حيث غطت منطقة الرياض بكليات كافية ثم طلبت تحويلها إلى كليات مستقلة. جنوبالرياض جامعة الخرج، غرب الرياض جامعة شقراء وشمال الرياض جامعة المجمعة. جامعة الملك سعود أوجدت البديل لذلك أصبحت تركز على الكيف. لا نريد لكلية الهندسة في جامعة الملك سعود أن تكون مثل أي كلية هندسة في جامعة ناشئة. أريد أن أخرج طلاباً يعملون في أرامكو، وطلاباً يصنعون فرصاً للعمل. لذلك اليوم ولله الحمد كل البرامج العلمية في جامعة الملك سعود تخضع للاعتماد الوطني والعالمي. أكثر من 30% من كليات الجامعة اعتمدت على أساس عالمي. لم نركز على ترشيد قبول الطلاب بل ذكرنا للأساتذة أنهم إذا لم يحصلوا على الرخصة المهنية للتدريس فلن يدخلوا إلى القاعات الدراسية وشهادات الدكتوراه لوحدها لا تخولهم للعمل. الأسلوب مع مناهضي التغيير ولكن كيف تعاملت مع المناهضين للتغيير؟ - تعاملت معهم بأسلوبين هما التحفيز بنسبة 70% والضغط بنسبة 30%. من لا يريد استخدام التقنية لن ينال 25%. قمنا بتخصيص حوافز للمعيدين وأنشأنا عمادة متخصصة لتطوير المهارات. في العام الماضي على سبيل المثال كان عند الجامعة 370 دكتوراً ودكتورة من جامعة الملك سعود تدربوا في أفضل الجامعات خلال الصيف وتعلموا كيفية إلقاء المحاضرات. شهادة الدكتوراه لوحدها لا تعني أن الأستاذ متميز. هناك تعميم لجميع مبتعثي الجامعة لدراسة كورسات معينة... ولكن ما هي أوراق الضغط التي يمكن أن تمتلكها والنظام واضح في لائحة الجامعات وترقية الأستاذ الجامعي ستتم سواء رضي مدير الجامعة أو لم يرض ؟ - يمكن أن نلجأ إلى عدم تطبيق نظام الحوافز. إذا أردنا أن نختصر الوقت لتطوير جامعاتنا فينبغي أن ننقل العلاقة بين الجامعة والعاملين فيها إلى علاقة تعاقدية تجدد أو تلغى بناء على عوامل محددة، بمعنى أن لا يعطى الأستاذ المساعد وظيفة دائمة إلا بعد أن يصبح أستاذاً مشاركاً. لا يمكن أن نتطور إلا عبر نفس الأدوات والوسائل التي تطور بها الآخرون. لا يمكن أن نقول إننا غير الآخرين. جامعة الملك سعود لديها رؤية خاصة ولذلك لم تدخل في شنغهاي عبثاً. كم هو إجمالي النشر العلمي في جامعة الملك سعود خلال العام 2010م؟ 1140 في ISI. كم يبلغ نشر إجمالي 23 جامعة حكومية أخرى؟ 960 فقط. هل تفكر الجامعة في أن تؤسس جامعة خاصة تتبع لها حتى تستطيع الخروج من عنق الزجاجة؟ - لا يمكن أن نقول إن الجامعات تعاني لدرجة أنها وصلت إلى عنق الزجاجة، لكني متفائل جداً بإمكانية تحديث النظام التعليمي وإزالة أي عوائق قد تعترضه. مجلس التعليم العالي يقوم الآن بإصلاح النظام الموجود وإن كنت شخصياً أرى أنه لا بد أن يتم تغييره. هناك من يطالب بإحداث إصلاحات كبيرة في مقدمتها إعادة الانتخابات ثانية لهذه الجامعات وكذلك الاستقلال المالي لهذه الجامعات، ما رأيكم ؟ - النظام الحالي يكفل استقلالية الجامعات مالياً، بالنسبة للانتخابات فهي ليست عرفاً عالمياً والعرف العالمي هو ما تطبقه جامعة الملك سعود حالياً، وهو لجنة الاختيار. أفضل وسيلة لاختيار شخص ليكون عميد جامعة هي تحديد المعايير ومن ثم إتاحة الفرصة لأي شخص ليرشح نفسه أو غيره. كعضو هيئة تدريس بالكليات يمكنك أن ترشح من تريده، وترسل ترشيحك بالبريد الإليكتروني لتحديد من تريده عميداً لأي كلية. بعد ذلك تقوم اللجنة بمقابلة المرشحين وتختار منهم ثلاثة. مدير الجامعة لن يخالف هذه الإجراءات وسيأخذ المرشحين كما هم. تعيين عمداء الكليات يتم بهذه الطريقة؟ - نعم. ألا ينافي ذلك النظام؟ - هذه فكرة مطورة يمكن أن نقول عنها إنها تمرد حضاري. ألم تتعرضوا لأي مساءلة؟ - أبداً وحصلنا على تأييد وزير التعليم العالي، بل قام معاليه بتعميم تجربة جامعة الملك سعود على بقية الجامعات الأخرى. ما هي فلسفتكم بخصوص السنة التحضيرية؟ - جامعة الملك سعود كأحد مكونات الخطة الإستراتيجية قامت بعمل استبانة على كثير من خريجي الجامعات السعودية وسألناهم سؤالان رئيسيان وأسئلة فرعية أخرى. السؤال ما هي نقطة قوة خريجي جامعة الملك سعود؟ والسؤال الثاني ما هي نقطة ضعف خريجي جامعة الملك سعود؟ وجدنا أن نقطة قوة خريجي جامعة الملك سعود هي أن محصوله المعرفي قوي جداً، ونقطة ضعف خريج جامعة الملك سعود تتعلق بالمحصول المهاري.هذا قادنا إلى سؤال مهم: ما هي هذه المهارات التي ترغب فيها شركات أرامكو وسابك والاتصالات؟ فقالوا إنها اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي ومهارات التواصل وكتابة التقارير والتعليم الذاتي والاعتماد على النفس والانضباطية. لذلك قمنا بصياغة هذه المهارات في برنامج أطلقنا عليه اسم (السنة التحضيرية)، ولكن جامعة الملك سعود قدمت فلسفة جديدة للسنة التحضيرية. اللغة الإنجليزية أوكلناها لجامعة أكسفورد والحاسب الآلي لأكبر مركز تدريبي في الهند. هل سبق أن قمتم بمعاقبة أساتذة؟ - نعم. ولا أريد أن أشوه سمعة الجامعة وأقول إننا فصلنا بعضهم، لكن 50% من القضايا التي رفعها الطلاب على أعضاء هيئة التدريس كسبها الطلاب. ***************************** عبد الله العثمان .. قائد مركبة التغيير في الجامعات ولد الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن عبدالله العثمان في الخرج ،وحصل على البكالوريوس 1405ه من جامعة الملك سعود،والماجستير 1410ه من جامعة أريزونا (الولاياتالمتحدةالأمريكية)، والدكتوراة 1412ه من جامعة أريزونا (الولاياتالمتحدةالأمريكية)،ويعمل مديرا لجامعة الملك سعود من 3/3/1428 ه وحتى الآن،وقبل ذلك عمل وكيلا لوزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية من 9/3/1424ه وحتى 2/3/1428 ه.و وكيلا لجامعة الملك سعود للدراسات والتطوير والمتابعة من 3/6/1423ه حتى 8/3/1424ه،و عميدا لشؤون الطلاب بجامعة الملك سعود ورئيس مجلس إدارة صندوق الطلاب من 22/10/1418ه وحتى 2/6/1423ه،و وكيلا لعمادة شؤون الطلاب للإسكان والتغذية ونائب رئيس مجلس إدارة صندوق الطلاب من 1/2/1415ه وحتى 21/10/1418ه.وتتميز شخصيته بالحيوية وحب مواجهة الصعاب في المشكلات الإدارية وكثيرا ما تجاوزه من خلال تطلعه نحو الحلول غير التقليدية ، كما يتسم بالشخصية القيادية التي تخلق الأفكار ثم تسعى نحو تحقيقها هو أقرب للقائد أكثر من المدير ، ويحسب له مبادراته في إحداث تغيير في عمل الجامعات حتى أصبح ما قام به يعمم في بعض الجامعات ..