محمود سلطان - الاسلام اليوم بعض الكتّاب يتصوّر أنه "رامبو" الثورة، بمجرد أنه زار "ميدان التحرير" أثناء الاحتجاجات.. بل لا يكفّون عن "المنّ والأذى".. والادّعاء بأنهم صنعوا الثورة و"تعبوا" فيها .. واختطفها "الرعاع" الذين صوّتوا ب"نعم" للتعديلات الدستورية! الأكثر طرافة، أن عددًا من "رامبوات" الثورة المزعومين، كانوا يرفلون في نعيم عهد مبارك، ويتقلّبون في فضائيات رجال أعمال فاسدين، بل إن بعضهم فتحت له مباحث أمن الدولة، طاقة القدر، وأسقطت عليهم من سمائها "برامج تليفزيونية" درّت عليهم من الأموال ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.. ولا يزالون يمارسون دور "مقدم البرامج" في تلك الفضائيات بذات "الشرعيّة الأمنيّة" التي حصلوا عليها من قتلة شهداء الثورة.. التي يتمسّحون بها اليوم!! اليوم نقرأ لهؤلاء.. وهم يبدون الحسرة على ما قدّموا من "تضحيات" من أجل "الثورة".. التي اختطفها "الدينيّون".. "بتوع المساجد"!.. على الرغم من أن جلّ ما قدّمه أنه جلس في ميدان التحرير بضع سويعات احتسى خلالها "كوبين" من الشاي. السويس وحدها قدمت أكثر من ثلاثين شهيدًا، أي أضعاف ما قدمته القاهرة من شهداء.. ولولاها ما تشجّعت العاصمة أو صمدت أمام وحشية أجهزة مبارك الأمنية.. ولم يخرج من السويس من يدّعي أنه "الثورجي" الذي لا شريك له.. ويمنّ على مصر بدماء من سقطوا في حي الأربعين.. ويلعن الذين قالوا: "نعم" للتعديلات! في عصور القمع ما بعد يوليو 1952، كان علماء الاجتماع السياسي في مصر، يتحدثون بسخرية عن "ديكتاتورية العاصمة" واستعلائها على مدن ومحافظات "الأطراف".. ويعتبرونها امتدادًا للفرعونيّة السياسيّة التي تدوس بالأحذية على رقاب عوام الناس.. ويبدو أن هذه الفرعونيّة انتقلت جيناتها الوراثيّة إلى "رامبوات" الفضائيات ومدّعي صنّاع الثورة.. ليمارسوا هذا الاستعلاء على بقية مدن ومحافظات مصر التي قدمت من الشهداء والتضحيات أكثر من القاهرة.. بل إن بعض المحافظات كانت هي الأكثر تحدّيًا للطاغية المخلوع، وسقط من شبابها بالرصاص الحي العشرات من الذين لم يجدوا من يطبع صورهم و يقوم بتوزيعها ونشرها أسوة ب"رفقاء الجنة" من شهداء القاهرة! لقد بات من قبيل "النكتة" ان يتجهّم اليوم كل من تلقى نبأ تنحّي مبارك، وهو يتنفس نسيم العصاري مع "المدام" و"الأولاد" في البلكونة.. ويفتعل عبوسًا مضحكًا.. ويرفع حاجب وينزل آخر.. ويعرب عن أسفه؛ لأنه "صنع الثورة"، ولم يستفد منها؛ لأن "الدينيّين".. والمشايخ والدراويش، اختطفوها منه يوم الاستفتاء! مصر يا سادة بعد الاستفتاء لا تحتاج إلى "حُواه".. وإنما تريد بُناة.. يملؤون فراغًا لم يعد مناسبًا لأن يشغله "الهدّامون" ممن احترفوا "الهدم".. هدم كل شيء حتى لو كان جميلاً.