انقسم المصريون في ميدان التحرير بالقاهرة في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، ما بين مطالبين باستكمال الثورة وهم من القوى الثورية والتيارات الليبرالية، وآخرون محتفلين باكتمال الثورة وهم من التيارات الإسلامية. وتقاطر آلاف المصريين صباح أمس الاربعاء على ميدان التحرير؛ بمناسبة الذكرى الأولى للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك. ونصبت في الميدان ثمان منصات الأكبر كانت للإسلاميين وأخرى للثوار رفعت عليها صورة غلاف أحد أعداد مجلة «آخر ساعة» ولقطة لمرشد الإخوان المسلمين السابق مهدى عاكف، يقول: أؤيد ترشيح الرئيس مبارك وأتمنى الجلوس معه. وشهد الميدان صباحًا مشادات كلامية حادة كادت تتطور إلى اشتباكات بالأيدي بين عدد من المتظاهرين ومجموعة من أنصار جماعة الإخوان بعد أن اتهموها بالتخلى عن الثورة، وبعد صلاة ظهر أمس كان الآلاف يتوافدون على ميدان التحرير جاءوا عبر مسيرات انطلقت من عدة مناطق من القاهرة إلى جانب أعداد غفيرة جاءت من الأقاليم لإحياء الذكرى الأولى للثورة. ورفع المتظاهرون لافتات تعبر عن مطالبهم وقاموا بتعليقها بمختلف أرجاء الميدان، ومن بينها (فريد الديب.. طباخ الرئيس، الشعب يريد إسقاط النظام، وعليها صورة الدكتور كمال الجنزوري رئيس حكومة الانقاذ الوطني، الشعب يريد تطهير الإعلام، الشعب المصري لا يقهر، ثورة يناير 2011 ثورة هدم الفساد .. ثورة يناير 2012 ثورة بناء الأمجاد، نطالب بسرعة إصدار قانون الحريات النقابية، نطالب بحد أدنى للأجور لا يقل عن 1500 جنيه وتعيين فوري للعمالة المؤقتة، «يا توظفونا ياتموتونا»، البطالة أهم قضايا العدالة الاجتماعية). وشكل الثوار في الميدان دولة مصغرة، تشمل كل سلطات الدولة الحديثة، حيث تم تشكيل وزارة داخلية تقوم بإدارة الأمن فى الميدان، وتأمين عمليات الدخول والخروج، ويلحق بها مجموعة تقوم بالأمن الميدانى ومتابعة وتنفيذ عمليات تحرٍّ وتفتيش المتواجدين فى الميدان. وأقامت وزارة داخلية الميدان سجنًا بجوار مسجد عمر مكرم ويتم قبل احتجازهم عملية استجواب وتسجيل هذا الاستجواب كتابيًا و تلفزيونيًا وبعدها يتم تحويل من يثبت إدانته إلى النيابة العامة خارج «دولة التحرير». وتشمل «دولة ميدان التحرير» وزارة للصحة وخمس مستشفيات ميدانية يعمل بها أكثر من 100 طبيب عبر «مناوبات» تدوم على مدار 24 ساعة وملحق بكل مستشفى إدارة للصيدلة تلبي طلبات المستشفيات بالأدوية وبصورة عاجلة والغت قاعدة «الدواء غير موجود». واستحدثت دولة الميدان وزارات اقتصادية تتولى إمداد المتواجدين بالميدان بكل متطلبات الحياة اليومية، حيث يوجد بالميدان أكثر من 15 مطعمًا و6 مقاهٍ وتعمل على مدار 24 ساعة توفر متطلبات سكان الميدان، لكن يعيب على الإدارة الاقتصادية لدولة الميدان عدم القدرة على ضبط الأسعار، حيث ترتفع الأسعار إلى ضعفين من أسعار خارج الميدان وأحيانا تصل إلى ثلاثة أضعاف فى الساعات المتأخرة من الليل. وحتى وزارة الإسكان ممثلة فى دولة الميدان، تتولى توفير إقامة لسكان التحرير عبر مئات الخيام المنتشرة فى إرجاء الميدان. وتملك دولة التحرير وزارة للإعلام عبر المنصات والإذاعات الداخلية وحتى الصحف الخاصة بدولة الميدان وربما لا يتعدى عدد صفحات الجريدة عدد أصابع اليد الواحدة ومن القطع الصغير «تا بلويد» وهناك أكثر من عشر صحف يومية ربما بعضها يأتى فى صفحة واحدة، وتمنح دولة التحرير مواطنيها الحرية الكاملة فى التعبير ولا توجد سقوف لحرية الرأي أو خطوط حمراء. من جهته، وجه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كلمة إلى الشعب المصرى فى الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، ألقاها نيابة عنه فى ميدان التحرير الدكتور حسن الشافعي رئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر، ووضع في الكلمة 12 مطلبًا لتحقيق أهداف الثورة، وهي الحفاظ على روح هذا الميدان، والتعاهد الوطني على استكمال أهداف ثورة 25 يناير، والتوافق الوطني على رعاية كل مكونات الوطن، دون غلبة أو هيمنة أو إقصاء أو انحياز، وتأكيد حق المواطن الدستوري في محاكمته أمام قاضيه الطبيعي، ومنع المحاكمات العسكرية للمدنيين، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وسرعة المحاكمات بما لا يخل بحرمة الحق ومقتضى العدل وواجب النزاهة، واستكمال الوفاء بحقوق أسر الشهداء والمصابين فى العلاج والتعويض والعمل والرعاية التامة، والمضي فى البناء الديمقراطي لمؤسسات الدولة وإتمام تسليم السلطة للمدنيين فى موعده المحدد دون إبطاء، والالتزام بما أسفرت عنه الانتخابات النزيهة الحرة من نتائج، والتعاون بين شباب الثورة جميعًا وممثلي الشعب المنتخبين فى بناء مصر المستقبل تحت مظلة الديمقراطية وعلى أساس من الشرعية البرلمانية والتوافق الوطني، والقضاء على آثار السياسات القمعية، والفساد الشامل، مع العمل الجاد على بناء اقتصاد مصري قوي، يستثمر كل إمكانات مصر، ويحقق العدالة لجميع أبنائها، وعودة الدور الوطني المصري فى ريادة المنطقة، والإسهام في السياسة الدولية بقرار حر دون تبعية أو انحياز، وعودة الجيش الوطني إلى دوره فى حراسة حدود مصر وأمنها القومي، وإطلاق طاقات الشعب، وبخاصة شبابه الثوري الناهض لبناء المجتمع والدولة، ومحاربة التخلف والفقر والمرض والجهل، والنهوض بمصر سياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا لتكون الأنموذج المضيء لأمة العرب والمسلمين. محاكمة شعبية لمبارك وفى السويس (80 كم شرق القاهرة)، دعا الشيخ حافظ سلامة إلى عقد محاكمة شعبية للرئيس المصري السابق محمد حسنى مبارك ورموز نظامه وقتلة شهداء الثورة في ميدان الأربعين، ورفع المتظاهرون المحتجون لافتات الاحتجاج على عدم تنفيذ معظم أهداف ثورة 25 يناير وأكدوا سعيهم إلى تنفيذ جميع مطالب الثورة من بينها إعدام الرئيس السابق. كما أعلنت المنصة الرئيسة بميدان التحرير عن تشكيلها لمحكمة شعبية للحكم على مبارك، وقرر المتظاهرون أنهم سيتحركون بعد صدور الحكم إلى المركز الطبي العالمي»شرق القاهرة» حيث يقيم به مبارك لتنفذ القرار لإحضاره وتنفيذ الحكم عليه. وكثفت أجهزة الأمن بالاشتراك مع قوات الجيش تواجدها داخل وخارج المركز الطبي العالمي بطريق مصر إسماعيلية الذي يرقد فيه الرئيس السابق، كما تم تأمين المبنى من الداخل بقوات من العمليات الخاصة والأمن المركزي ونشر دوريات بطول سور المركز وضباط من إدارات البحث الجنائي عقب دعوة بعض المتظاهرين والنشطاء بالتوجه إلى المركز الطبي العالمي للانتقام من مبارك ومحاكمته محاكمة شعبية في ذكرى احتفالات ثورة 25 يناير. وكان عمرو موسى، المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية قد وصل إلى الميدان ظهر أمس، بدون حراسة ويرتدي الملابس الكاجوال ويقود مسيرة حاشدة تقدر بأكثر من ألفي مشارك من المواطنين من ناحية كوبري قصر النيل. وقال: إنه متفائل بأن عام 2012 سوف يشهد استكمال مقومات الدولة وبداية إعادة بناء مصر، ويجب أن نقف عند هذه المناسبة لنتذكر تضحيات الشهداء والجرحى الذين بذلوا من دمائهم وأرواحهم من أجل نجاح الثورة وللتأكيد أن الثورة لم تهزم ومازالت مستمرة. وعلى جانب آخر هتف موسى تحيا مصر وهتف وراءه من في المسيرة تحيا مصر وحمله المواطنون على الأعناق ولفوه بعلم مصر. وأضاف موسى: بعض الثوار يعتقدون أن دورهم انتهى والآخر يرى أن الثوره هُزمت.. والصحيح في رأيي أن نقول: إن هذه الثورة انتصرت.. صحيح لا تستطيع أن تقول إنها انتصرت نهائيًا.. لكن بالقطع أنها مستمرة ولم ولن تُهزم، وإن كانت لم تحقق بعد الانتصار الكامل. وقال موسى: عندما تقرر إعادة بناء بلدك فأنت تحتاج إلى الخبرات ومن الآن وإلى أربع سنوات مقبلة يجب أن يُعَد الشباب لأن ينخرط أكثر فى الحياة السياسية ويدخل المطبخ السياسي ويعيش حالة اطلاع مستمرة على الأحداث وطنيًا ومحليًا، أي ينخرط في عملية للتنمية على كل المستويات المصرية.