عبد الله باجبير - الاقتصادية السعودية يقول الخبراء .. إن العنف يولد العنف .. والذي تعرض للعنف بالأمس .. سيصبح ممارساً له ولو بعد حين .. ما لم تتم رعايته وتأهيله نفسياً للمرور من هذه التجربة الأليمة .. وإلا فإنها ترسخ في أعماقه عقداً نفسية تقوده قسراً إلى التعويض باللجوء إلى استخدام العنف .. نتيجة تعرضه لسوء معاملة وإهمال .. ونقص في الحب والعاطفة .. والاعتداء بكافة أشكاله نفسيا وجسديا وجنسيا. انتبهوا لأن ظاهرة العنف باتت منتشرة في كل مكان ولا تقتصر على مجتمع معين أو بيئة أو ثقافة معينة بل هي ملموسة حتى في المجتمعات الحديثة .. ومكانها لا ينحصر في المنزل نتيجة العلاقات الأسرية المفككة وانفصال الوالدين والطلاق وتسلط زوج الأم أو زوجة الأب .. ولكن بوجوده أيضاً في الشارع .. وفي المؤسسات التعليمية .. ودور الرعاية الاجتماعية. الظاهرة باتت كبقعة الزيت تكبر كل يوم وبات من المستحيل السكوت عنها أو عدم ملاحظتها .. ولكن كيف نشعر بتعرض الأطفال للعنف دون أن يشكوا. هناك بالتأكيد بعض المؤشرات والأنماط السلوكية الخطيرة تبدو على هؤلاء الأطفال .. مثل انعزال الطفل المعنف .. التبول اللا إرادي .. الكوابيس .. مص الإبهام .. الهرب من المنزل .. الفشل الدراسي .. ومحاولات الانتحار. وتتعدد أنواع الإساءة للطفل ما بين الإساءة العاطفية والجسدية والتحرش .. واستخدام طرق عقابية غريبة .. كحبس الطفل في دورات المياه .. أو غرف مظلمة .. أو ربطه بأثاث المنزل .. أو تهديده بالتعذيب .. والحرق في اليدين والقدمين .. أما دلائل التحرش السريرية للضحية فتظهر في شكل كدمات من غير المستطاع تفسير وجودها في الوجه .. الشفاه .. الإليتين والفخذين .. صعوبة في المشي أو الجلوس. أما عن أبرز مسببات العنف في المملكة فالدراسات تؤكد أن 80 في المائة منها نتيجة علاقة الكراهية بين الوالدين .. فالبيت الذي يتسم فيه أحد الوالدين أو كلاهما بالعنف يعتبر بيئة خصبة لنشوء العقد النفسية كانعدام الثقة بالذات وتزعزع المبادئ والأخلاقيات والتبلد العاطفي والحالات المرضية كالاكتئاب والانتحار .. 90 في المائة الإدمان على المخدرات والكحول والكبت الجنسي، 90 في المائة انشغال الأم بأمورها الخاصة وترك رعاية البيت والأطفال، 96 في المائة ضعف الوازع الديني لدى المعتدي. استفحلت ظاهرة العنف ونتائجها باتت خطيرة ومن المخجل حقاً الهروب من إيجاد الحلول لها بالهروب بدفن رؤوسنا في الرمال. المطلوب، زيادة الوعي الاجتماعي في جميع وسائل الإعلام وتغيير المفاهيم الاجتماعية عند الوالدين بأن أبناءهم أمانة بين أيديهم وليسوا ملكية خاصة .. تفعيل دور محاكم الأحوال الشخصية وإيجاد محاكم أسرية لسرعة البت في القضايا، إضافة إلى تفعيل نظام حماية الطفل .. فماذا ننتظر؟!