في الغرب ، يفسرون مفردة الإصلاح على أنها عملية لا تنتهي. تبدأ بالتخطيط ثم لا تقف ، وذلك تبعا لحاجة سنة بعد أخرى. وفي كل مرحلة تحاول السلطة الوصول إلى ما يُرضي الناس ، ثم تبدأ الحكومات عملية تخطيط أخرى تواجه بها المرحلة القادمة ، كي تبقى الحكومة في السلطة . ويأتي هذا على مستوى التشريعات الحضرية (البلدية) والاقتصاد والمال والبنية الأساسية من صحة وتعليم وخدمات . وفي الشرق تتردد المفردة (قصدي كلمة الإصلاح) عندما يتذمّر الناس . ثم تكتفي السلطة بما يرضيهم مؤقتا.. وما أسمعه الآن هو أسوأ . وهو أن ترداد كلمة الإصلاح توجد هديراً كهدير الموج ، ويرى البعض في الكلمة هولًا ورعباً ومصدر قلق وأرق.. لا أعرف استعمالًا تاريخياً للمفردة ، مفردة "إصلاح" بمثل هذه الوفرة من قبل، ولم يسبق أن تنادى بها القوم كما هم عليه اليوم ، ومع ذلك لم تكن هذه المفردة جوفاء من المعنى فى بال الناس كما هي اليوم . ومع هذا فالخوف من رواجها قائم ، وربما احتاج الخائفون منها إلى مراجعة صالات الطوارئ في المستشفيات. وربما قال الفاسد لنفسه إن الإصلاح ربما " يفطمه " يوقف جشعه . فصار لا يأكل فقط من النعمة التي أمامه ، بل بدأ " يُخبّي في الجراب ". والجملة معروفة لدى عامة أهل الجزيرة العربية ، ومفادها أن الضيف يأكل من مائدة المضيّف ليشبع ، لا ليحمل معه الزاد. ورأيي أن الحديث الكثير عن الإصلاح ومكافحة الفساد والتصدي للمحسوبية سيجعل من يحمل جرابا كبيرا وواسعا يحاول ملئه والهرب به وشراء جراب آخر احتياطيّ قبل أن يأتي الإصلاح الجدي (وليس الكلام والمقالات) فيندم على اكتفائه بالمقسوم . أي - بالعربي - يستسعر الفاسد وتدور في ذهنه المقولة الشعبية (قم قبل يقام عنك) . قرأتُ آراء تقول إن الاحتجاجات والحراك الدائر في وطننا العربي حرّكت بوصلات الاستشعار عند(اللي على رأسه رمله) وبدأ يلتفت يمنة ويسرة (ويتحسس).