في 7 أبريل الحالي، نقلت صحيفة عكاظ رأيا لعضو هيئة كبار العلماء المستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع يجيز فيه ارتداء "العباية " من الكتفين شرط ألا تكون ضيقة وغير خفيفة، وهو رأي أشكره عليه لتصحيح مفاهيم اجتماعية مغلوطة لطالما عانت منها فتيات ونساء فضليات لمجرد أنهن يرتدين عباءة الكتفين، وكم نحن اليوم في أمس الحاجة لمثل هذا الاعتدال! فهذا الرأي الفقهي يأتي بعد أن ساد رأي فقهي لفترة طويلة لا يجيز ارتداءها! وهناك من أوصله للتحريم، فعانت الكثيرات من نظرة اجتماعية دونية لهن، بنيت على أن الواحدة منهن عاصية وآثمة لأنها ارتدت عباءة الكتفين، ولعلي أذكر هنا موقف إحدى طالباتي الجامعيات حين جاءتني تحمل كرتون عباءة فوق الرأس وقفازين وجوربين مع بعض الأشرطة لمشايخ الصحوة "وبروشورات" تتحدث عنها على أنها الحجاب الشرعي وما دون ذلك فهو إثم ومعصية يؤدي بالمرأة إلى النار، وهذا الموقف لم يكن الأول ولا الأخير أثناء عملي الأكاديمي، فلطالما وجدت على مكتبي فتاوى حول هذه العباءة الشكلانية، ومتأكدة أن كثيرات تعرضن لمواقف مماثلة قد تؤدي إلى أن يفقدن حُلمهن فيها، لأنها مواقف بُنيت على اتهام بالإثم والمعصية لا مجرد نصائح ووعظ!. بل ولطالما عرفنا عن بعض مديرات المدارس أنهن يلزمن الطالبات بارتداء العباءات فوق الرأس على أنها الحجاب الشرعي، ومن لا تلتزم تتعرض للعقوبة، والأسوأ من ذلك أني شاهدت بعيني منذ بضع سنوات إحدى المراقبات بإحدى الكليات تقوم بتلوين عباءات الطالبات من الكتفين ببخاخ ملون بهدف إفساد عباءاتهن وإحراجهن عند الخروج لأولياء أمورهن، دون مراعاة للفقيرات منهن، ولكن لا شك أن الرأي الفقهي الذي يحصر الحجاب في عباءة فوق الرأس استفاد منه تجار السلع الإسلامية، فتفنن الخياطون في تصميماتها إما "بسستة " أو ب "طقطق" فيما آخرون زينوها بتطريزات وكرستالات سوداء لامعة دون تحقيق هدفها من التقشف، فالمهم أن تكون فوق الرأس، ولو كانت لافتة بزينتها!! إذ يدركون وجود نساء يرتدينها مرغمات من "ذكور" عائلاتهن، ولسن مقتنعات بها، وكثيرات أخبرنني بذلك، بل هناك من أخبرتني بأنها ترتديها لتكون محل ثقة عند أهلها، فيسمحون لها بالخروج متى رغبت كناية عن التزام شكلاني!. ولا شك أن إلزام النساء بلبسها هو التطرف بعينه، لأن الاختيار هو الذي يكفله الرأي الفقهي، فما المشكلة من لبس العباءة من الكتفين؟! تبرير ذلك مضحك بالفعل، فالمعارضون لها تحججوا بحجج لا منطق يقبلها، وهو أنها تحدد الكتفين للمرأة ما يؤدي إلى افتتان الرجل (يا عيني عليه)!! بالله عليكم هل في الكتفين فتنة! وهل وصل حال الرجل في هذا المجتمع لأن يكون بهائميا وجائعا غريزيا لهذه الدرجة ويبحث عن أكتاف نساء متلفعات بالسواد ليُفتتن!؟ وهل النساء وحدهن لديهن أكتاف!! أليس مظهرا عاما يشمل الرجل والمرأة!! ولكنه التنطع والتطرف بما لم يأت به الدين فجاء بالعجائب!