د. محمد العبدة - نقل عن موقع المسلم قلت في مقال سابق بعد أن سقط الطواغيت في مصر وتونس وان شاء الله سيسقط طاغوت ليبيا ، قلت : يجب أن يكون الشعار بعدها : الشعب يريد إسقاط أمريكا ، لأن أمريكا والغرب هو الذي دعم هذه الأنظمة الاستبدادية وساعد على استمرارها ، مادامت هذه الأنظمة لا تحتاج في قراراتها لا إلى الشعب ولا إلى البرلمانات ، وتنفذ ما يريده الغرب ، وإذا كان البديل هو الإسلام أو شخصيات وطنية صادقة فلتبق هذه الديكتاتوريات إلى الأبد ، وعين الغرب على النفط من جهة و على حماية (إسرائيل) من جهة أخرى. يقف الغرب اليوم في محنة الشعب الليبي موقفا يدل على لا مبالاته بدماء الشعوب ، فالنفط أغلى ، وعقود الشركات أغلى ، إنه موقف يدل على الانحطاط الأخلاقي وذهاب القيم وربما يقول قائل : هذا هو الغرب فلماذا نطلب منه ما ليس من طبيعته ؟ ونقول : هذا صحيح ولكنه لماذا يقوم ولا يقعد من أجل حفنة من شعوب أخرى إذا اضطهدت ويسكت عما يفعله القذافي ، نحن ننتقد الكيل بمكيالين وننتقد هذا النفاق الذي يتظاهر بأنه مع الشعوب التي تتعرض للإبادة ثم لا يقوم بأي عمل مفيد تجاهها . ومع الأسف الشديد وقعت تركيا في هذا المستنقع فكان موقفها على لسان رئيس وزارتها (آردغان) هو إمساك العصا من الوسط ، فهو مع الحق ومع الحرية ولكنه ليس مع حق الشعب الليبي في ثورته على الطاغية لم يدن مجازر القذافي بالاسم ، وهو يعترض على التدخل الغربي لحماية الشعب الليبي ولو كان حظر الطيران ، فهل عمل الشركات التركية في ليبيا أهم من دم الشعب الليبي ؟ هل تكون تركيا مثل الصين التي تعارض فرض حظر جوي لأنها خسرت كثيرا من جراء الأحداث الأخيرة ؟ هل تحولت الدنيا إلى نظرية وقيم (السوق) وأصبح المال هو كل شيء ؟ كان المأمول في شخصية كأردغان أن يهتم بالقيم الإسلامية والإنسانية وأن يقف مع الشعب الليبي صراحة. لماذا وقفت أمريكا موقف واضحا من إزاحة حسني مبارك ولم تقف هذا الموقف مع القذافي ؟ يبدو لي أنها بعد أن اطمأنت إلى المجلس العسكري الجديد وأنه ستبقى اتفاقيات السلام مع إسرائيل كما هي ، فلا مانع من إزاحة مبارك ، أما ليبيا فأمريكا لا تعرف المعارضة ( وهي على الأغلب شخصيات وطنية وكثير منهم متدينون ، وشخصيات إسلامية ) ، و القذافي معروف بتنازلاته الكبيرة في كل شيء ، فلماذا يقفون مع المجهول ؟ عندما كان الشعب الليبي يحارب الاستعمار الايطالي ، وكان السنوسيون في مقدمة المجاهدين والمقاومين . قدمت إلى ليبيا للمساعدة والمشاركة شخصيات كبيرة ، قدم وزير دفاع الدولة العثمانية أنور باشا لتفقد الأمور وأخوه نوري حارب مع الليبيين المستعمر الايطالي ، وقدم الأمير شكيب ارسلان للمشاركة في المقاومة ، كانت الحدود مفتوحة ، والمشاركة في مقاومة أعداء الإسلام واجبة والشعب الليبي اليوم يصنع استقلاله الثاني ، فالفترة التي جاءت بعد رحيل الاستعمار العسكري الفرنسي والبريطاني والايطالي ، لم تكن فترة استقلال محض ، بل هي كما وصفها الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي ، إنها فترة (احتقلال) بل في بعض الدول وبعض الأماكن هي أسوأ من الاحتلال الأوروبي من ناحية قهر الشعوب وتدمير الاقتصاد ونهب الأموال ، إن من حق الشعب الليبي المقاوم للطغيان أن يتلقى المساعدات ، بشتى أنواعها من الشعوب العربية وخاصة من الشعوب المجاورة . لأن ما يقوم به أبطال ليبيا هو تحرير لكل البلدان العربية وليس لليبيا فقط ، يجب أن لا يترك هؤلاء الذين يتعرضون للإبادة وحدهم أمام طاغية مجنون . هناك فئة من القوميين الذين يعيشون في الحقب الماضية ويستعملون اللغة ( الخشبية ) ذاتها : لا نريد التدخل الأجنبي ، ولكن إذا كان التدخل هو لمنع الطيران أن يهدم القرى والمدن فوق رؤوس أصحابها فما المانع ؟ ولكنها المزايدات السياسية الجوفاء