"ما عليه" لو أخذ أسرته في جولة، استلم الراتب اليوم، سيارته للتو خرجت من الورشة "موزونة الأذرعة"، دفع "قسطها" بارتياح، قرض البنك باق له سنتان "بس" وينتهي، حتى "مقاضي" البيت تم تأمينها، ابنه الكبير "ملفه" جاهز وقد أعطى نسخة منه لأكثر من جهة ومنتظر التوظيف بأمل كبير كبر الميزانية، والثاني مستعد لإعادة اختبار القدرات والقياس. الزوجة متضايقة من ارتفاع الأسعار المتزايد، ومنزعجة ثلاث حبات لأن أمها بحاجة للتنويم والمستشفى ينتظر الواسطة أو أحد المرضى يموت وتأخذ مكانه حسب ترتيبها، ومع ذلك فكل شيء تمام، وأنفاس العصاري ترد الروح الذاهبة. تصب له الزوجة كأسا من الشاي وتنبهه أن "يسوق" بحرص حتى لا يندلق، يحدثها، مع أصوات الأطفال، بامتنان عن تحديث الطرق وتوسعتها، عن انتشار المباني المدرسية الحكومية مكان المستأجرة، عن الأحلام مع الميزانية الجديدة، عن محاسبة الفاسدين، عن مستقبل الأبناء. ترتج السيارة من مطب صناعي لم يسبقه تحذير، كاد الشاهي يندلق، الأطفال ينهضون بعد سقوط، "تسوي غطوتها" و"يسوي شماغه" محوقلا مسترجعا، يصمتان برهة ويعودان بفتور للحديث المتقطع، بعد قليل "يدوس فرامل" بقوة ليتلافى حفرة تهز السيارة هزا، أحد الأطفال يهوي بينه وبين الزوجة، راح الشاهي وراح الأنس. يشتم كل من يخطر على باله من المسؤولين الفاسدين، وراح غاضبا يعيد الحديث على زوجته الصامتة، عن ملف ابنه الباحث عن وظيفة لم يجدها، عن قروضه وفواتيره والأسعار التي تمتص حياته، عن مستشفى يحتاج واسطة، وهذه المباني المدرسية الحكومية هي من أسوأ النماذج وتشبه السجون واستفاد ماليا من ورائها مهندسون ومقاولون ومديرون، عن عقود الباطن الظالمة، عن فلان العاطل من أين جاءت ثروته، وعن فلان الفاسد الذي لا يحاسبه أحد، عن سيارته التي سيدخلها الورشة لوزن أذرعتها من جديد. مطب صغير يشحن قلب المواطن البسيط، بالسخط ويغير نظرته حتى لا يرى إلا السواد. هناك مسؤولون يصرون بإهمالهم على استفزاز المواطنين!