صالح محمد الجاسر - الاقتصادية السعودية منذ عودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله ونحن نرى المبادرات الحكومية التي تهدف إلى تحسين الوضع المعيشي للمواطنين، وتوفير فرص العمل لهم تتوالى، بدءا بالمراسيم الملكية الثلاثة عشرة التي تناولت قضايا البطالة والإسكان وغيرها من المجالات المرتبطة بحياة المواطنين، ثم ما أعقبها من أمر ملكي بتثبيت جميع المواطنين والمواطنات المعينين على البنود كافة، وهو أمر سينتج عنه تثبيت نحو 180 ألف موظف وموظفة يعملون على بند الأجور وما شابهه من بنود. هذه الخطوات الحكومية لمعالجة البطالة، وتصحيح الأوضاع الوظيفية لهذا العدد الكبير من الموظفين، كانت محل استبشار من قبل المواطنين، وهي خطوات ستحدث انفراجاً كبيراً، وتخفف من حدة البطالة في المجتمع، وتعد جزءا من معالجة موضوع البطالة الذي لا تقع مسؤولية معالجته على القطاع الحكومي فحسب، بل يجب أن يتحمل القطاع الخاص الذي يستوعب ملايين الوافدين جزءا كبيراً من المسؤولية. ومن المؤسف أننا لم نسمع صدى أو تفاعلا مع هذه القرارات من قبل القطاع الخاص، وكأن موضوع البطالة، وتكدس آلاف الباحثين عن العمل لا يعنيه، أو أنه ليس جزءا من أسبابه، وهذا السكوت غير المبرر دليل على أن القطاع الخاص لا يشعر أن من مهماته العمل على القيام بمسؤولياته تجاه المجتمع، وما يواجهه من مشاكل، طالما أن هذه المشاكل لا تؤثر فيما يحظى به من دعم حكومي، ومن تسهيلات، ومن عقود لا ترتبط بتحمله جزءا من هذه المسؤولية. هذه الخطوات التي قامت بها الدولة، يجب أن تتبعها مبادرات كبيرة من القطاع الخاص، تتضمن الإعلان عن برنامج ضخم لتوطين الوظائف، تحدد له مدة زمنية، وتعلن آلية تنفيذه، وتوقيع ميثاق شرف بعدم استغلال هذه المبادرات الحكومية لرفع الأسعار، أو التلاعب بالكميات المطروحة في الأسواق من المواد التموينية. إن مساهمة القطاع الخاص في تحمل مسؤولياته تجاه الوطن عبر إتاحة فرص العمل للمواطنين لا تزال محدودة قياساً بحجم هذا القطاع وقدراته، والبعض لا يقوم بهذه المسؤوليات إلا بمقابل مادي، أو لما سيوفره له من عمالة وافدة. وعلى القطاع الخاص أن يدرك أن ما تقوم به الدولة من جهد لمعالجة البطالة عن طريق توفير الوظائف في القطاع الحكومي لا يعني إعفاء هذا القطاع من مسؤولياته. وقد كان الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية واضحاً وهو يؤكد على أهمية دور القطاع الخاص في محاربة البطالة، وإتاحة فرص عمل للسعوديين، ويشير إلى ممانعات هذا القطاع، حينما قال: ""لا بد أن يسهم القطاع الخاص في موضوع توظيف السعوديين، وأعتقد أنه حان الوقت لأن تكون هناك جدية حتى لو انزعج بعض الإخوان في القطاع الخاص مما أقول"".