لا يمكن الهروب من مواجهة مشكلة البطالة، ومن كل مشاكلنا وخاصة في جامعاتنا وفي سوق العمل الذي يتحمل مسؤولية تشغيل أبناء الوطن وتسهيل تمكينهم من ذلك. ويجب أن تكون هناك تقارير فصلية وسنوية عن التعليم وسوق العمل، وعن إدماج طلابنا من خلال مقررات الخدمة الوطنية، لتعويدهم على العمل وتحجيم البطالة التي تهدد الجميع، هذا هو ماأكده الكاتب علي عبدالله موسى في مقاله بصحيفة “الوطن”. يقول موسى “يجب أن نتحلى بالشجاعة والحزم في تشخيص المشكلة وتحميل المسؤوليات وإيجاد الحلول الإستراتيجية، يجب أن تتوقف جامعاتنا عن الهروب من مواجهة مشاكلنا الداخلية التي هي مصدرها لأنها هي التي تخرج العاطلين، وتتوقف عن الركض خلف التقارير المأجورة التي لن تضيف لنا شيئاً. بلدنا سوق للعالم يرسل مخرجاته المتردية والنطيحة للعمل عندنا، بينما نفشل في تشغيل مخرجاتنا التعليمية”. لمطالعة المقال: البطالة ترتفع إلى مليون ونصف خلص التقرير الرابع للتنمية البشرية الصادر عن مؤسسة الفكر العربي قبل أسبوع في دراسة عن التعليم في السعودية بأن البطالة وصلت إلى مليون ونصف المليون عاطل حسب بيانات الإحصاءات العامة الصادر بتاريخ 6/9/2011.وتعد هذه الإحصائية عالية جدا مع تزايد عدد الخريجين الباحثين عن العمل في كل فصل وعام دراسي. إضافة إلى التسرب الكبير في عدد الطلاب من الجامعات والكليات الذين ينضمون للبطالة بعد سنوات بدون مؤهل يسمح لهم بدخول سوق العمل. كما أشارت الدراسة إلى أن 90% من العمالة في القطاع الخاص أجنبية، وأن 67.5% من مجموع الصناعات في السعودية عبارة عن صناعات معدنية وبتروكيميائية وأغذية ومشروبات. وبعد احتفالات دامت عدة سنوات بمراتبنا في التقارير التجارية كما وصفها الخبراء المشاركون في مؤتمر وزارة التعليم العالي، إضافة إلى تعيين طاقم جديد من الوزراء في كل من وزارة التجارة، والاقتصاد والتخطيط، والصناعة. وبناء على هذه الحقائق أقول إن المشكلة بحاجة لمعالجة جذرية بعد دراسة وطنية شجاعة وشاملة للمشكلة التي تهدد المواطن والوطن، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن من أهم أهداف التعليم تكافؤ الفرص التي تهيئهم لسوق العمل، كما نص على ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي ينص على أن التعليم حق من حقوق الإنسان لارتباطه بلقمة العيش، وكونه المدخل الرئيسي لسوق العمل. وهنا تكون المشكلة، فالتعليم مرتبط بسوق العمل، وأكبر سوق للعمل هي الدولة ومؤسساتها المختلفة، ولكن كم عدد الوظائف التي تستحدثها سنويا؟ وما نوعها؟ وماهي متطلباتها؟ وأما سوق العمل في القطاع الخاص فهو صلب المشكلة حيث توجد فيه أعلى نسبة من العمالة الوافدة بنسبة 90%. ولا علاقة لمؤسساتنا التعليمية بها إلا في القليل فهي تعد مخرجاتها للسوق الحكومية في الغالب. وإذا كان عدد الخريجين في كل عام من الجامعات والكليات يزيد عن 120 ألف خريج غير من تسربوا فإن هذا يعني أننا بحاجة لمثل هذا العدد من الوظائف سنويا، وهذا ما لا يمكن تحقيقه. ولهذا تزداد البطالة.. إذا كيف نحل المشكلة؟يجب أن نتحلى بالشجاعة والحزم في تشخيص المشكلة وتحميل المسؤوليات وإيجاد الحلول الإستراتيجية، يجب أن تتوقف جامعاتنا عن الهروب من مواجهة مشاكلنا الداخلية التي هي مصدرها لأنها هي التي تخرج العاطلين، وتتوقف عن الركض خلف التقارير المأجورة التي لن تضيف لنا شيئاً. بلدنا سوق للعالم يرسل مخرجاته المتردية والنطيحة للعمل عندنا، بينما نفشل في تشغيل مخرجاتنا التعليمية، نريد أن تركز جامعاتنا على البحث في المشكلات المحلية وفي مقدمتها برامجها وتخصصاتها ومخرجاتها وإداراتها وعلاقاتها بسوق العمل، وأن تقرر مقررات “للخدمة الوطنية” لإدماج وربط الشباب بسوق العمل وتعويدهم على العمل في المجالات التي عودناهم على الترفع من العمل فيها بينما يعمل جزء آخر من أبناء الوطن بالتستر على العمالة الأجنبية التي يعمل هو موظفا لديها، يتقاضى راتبا شهريا منها، بينما رأس المال والأرباح بعشرات الآلاف شهريا من نصيب العامل الذي يتحول بين لحظة وأخرى إلى رجل أعمال بمئات الملايين وآلاف العمالة الوافدة من بني جلدته.لقد تقدمت بمبادرة عن التعليم وسوق العمل نشرت في صحيفة الجزيرة في صفحة كاملة بتاريخ 7 ربيع الأول 1432، كما نشرتها صحيفة المدينة بتاريخ 7/2/2011. ويمكن الاستفادة منها.لا يمكن الهروب من مواجهة مشاكلنا وخاصة في جامعاتنا وفي سوق العمل الذي يتحمل مسؤولية تشغيل أبناء الوطن وتسهيل تمكينهم من ذلك. ويجب أن تكون هناك تقارير فصلية وسنوية عن التعليم وسوق العمل، وعن إدماج طلابنا من خلال مقررات الخدمة الوطنية، لتعويدهم على العمل وتحجيم البطالة التي تهدد الجميع، وتحد من نسبة الجرائم ومن كثرة العمالة الوافدة غير المنتجة إلا لمكاسبها من خبرات وتدريب وعوائد مالية على حساب أبنائنا وأمننا ووطننا. طبعا لا ننكر أن هناك دولاً تطلب منا أن تشاركنا في سوق عملنا لتخفف من بطالتها وتحصل على العملة الصعبة التي تعزز اقتصادياتها، وهذا جزء من دعم دولتنا للدول الأخرى ومساعدتها من باب الأخوة والمسؤولية تجاه إخوتنا في البلدان العربية والإسلامية والصديقة، ولكن تعزيز دور المواطن وتمكينه من العمل مسؤولية الجميع في القطاعين العام والخاص. بقي أن ندرج ضمن مناهجنا وسياساتنا وإدارتنا أخلاقيات العمل، من ولاء وأمانة وحرص على المكتسبات، ومثابرة على الإنتاج وعلى نجاح المؤسسات التي نعمل بها مهما كانت تلك المؤسسات، وأن نعود أنفسنا على الانضباط والمسؤولية تجاه بعضنا البعض وتجاه وطننا. وكل عام والبطالة تحت السيطرة.