نجيب الزامل - الاقتصادية السعودية أهلا بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 382 *** * حافز الجمعة: تتطلعُ لقبّةِ الكون وتبصر نجوما هافتة، وقبلها نجومٌ هامدة.. ونجومٌ في ألق بريقها الكوني تشع كجواهر في شساعة ظلام الفضاء.. إنها النجومُ الشابة! *** * لم يعد شباب هذا الزمن فقط يلتقطون حكمةَ الكبار، ولم يعد شباب العصر يخضعون لسلطة الكبار كما جرى من فجر المجتمعات؛ صار الشبابُ هم الذين يحكمون العالم. حقيقة ناطقة، أسمعناها أم تغاضينا عن الاستماع إليها. إنه عصرُ حكم الشباب، عصر رأيهم، وعصر قيادتهم.. هم حِزَمٌ هائلة من الطاقة، وباقاتٌ عملاقة من الألَق في الفكر.. وروّادٌ جُدُدٌ لعوالم جديدة، عوالم لم يزرها ولم يرها الكبار، فلم يعد منطقيا أن يتولى كل شيءٍ الكبار.. ولا واقعيا. ولم يعد هذا أمرا جدليا إنهم فعلا هزّوا العالمَ، كبراكين زاخمة بالحمم هدئت لأحقاب ثم ثارت بمطالب الشباب. *** * العملُ التطوعي صار مسرحا أبطاله الوحيدون هم الشباب، العمل التطوعي "الميداني المدني" هو القوى الموازية للقوى الرسمية، مهما فعلت القوى الرسمية تبقى محدودة العدد والقدرات، هذه هي طبيعة المنظمات والتخليقات الإدارية. في العمل التطوعي بكل مجال أكان إغاثيا، أم إداريا، أم علميا متخصصا، أم خدميا، أم موارد من العضلات الهادرة والعقول المقتحمة هو مجال الشباب، الميدانُ الأعظم لما يحبون أن يصرفوا فيه طاقاتِ إبداعهم لإنماء الأرض التي عليها يعيشون.. للشباب كرامة وفخر واعتزاز وعقل جماعي منظم عندما يعمل هذا العقلُ تكون المعجزات بقربنا تطرقُ الأبواب! *** * نعطيك مثالا لشابات وشباب الأعمال التطوعية في جدة، ما قاموا به كان عملية إنقاذ ماسحة كاملة إنهم كانوا مثل المنقذين على سواحل البحار التي تزأر بالأمواج العاتية تمزق القواربَ وأجساد السابحين. كيف ينبع التنظيم بلحظة؟ تبدو لمثلي معجزة، الشابة أو الشاب لما تسألهما سيهزان كتفيهما ويقولان ببساطة: هكذا! *** * "طوق": تنادى الشبابُ تحت مظلة جمعية العمل التطوعي بالمنطقة الشرقية متحدة مع جمعية "جود" أقدم جمعية عمل تطوعي نسوي بالمنطقة ومن أنجحها وجمعية "ود" الصاعدة بامتياز وجمعية "فتاة الخبر" النشطة لإغاثة أهاليهم في جدة، وفي ليلة أربعاء حدثني الأستاذ "محمد البقمي" من الجمعية عن نيتهم في الحملة، فاقترحت عليه اسم "طوق".. ثم أني "كبّرتُ الوسادة، ونمت". في الفجر، بعد صلاة الفجر مباشرة.. تأتيني الاتصالاتُ من الرياض ومن أبها ومن الأحساء ليبلغوا مطالبهم وكأن حملة "طوق" صار لها سنين.. لم يأتِ الصباحُ إلا وشباب المملكة في سبع مدن ينظمون أكبر حملة دعم لجدة.. كل هذا وأنا أغطّ في نوم عميق! الآن حملة "طوق" بوركت من قبل إمارة المنطقة الشرقية ولا عجب، ومن الهيئات الرسمية المتعاونة، وتقدمت طوعا شركات مثل "طيران سما"، التي نقلت أول شحنة جوية إلى جدة، واستلمت من مندوب الحملة بمطار جدة تعاونا مع الجمعية الكبرى والناجحة "جمعية الأمير ماجد".. مجانا! وكان احتفالهم بوصول أول شحنةٍ يفوق حفل تخرج أي أحد منهم، وأوسع أثرا. في الرياض يخبرني الشباب أن جامعة الملك سعود تبنت أعمالَهم وقدمت لهم المرافق، وشكري للقائمين على الجامعة يدفعني لتقبيل هاماتهم؛ لأنهم تلمسوا بحصافة أمرين: إرادة الشباب؛ ولأنهم يشعرون بأهلهم في جدة تماما بذات حماسة اليافعين. أشكر أولاد بنات القطيف، وسيهات، والأحساء، وأبها، وحائل، والدمام، والخبر، وجيزان، وتبوك وكل جهة رسمية دعمت.. إنه وقتٌ تآزرت به الأمّة. *** * شخصيات الأسبوع: أسميناهم "الثلاثي الذهبي للتطوع". فهد الموسى، رانيا البوبشيت، منال القحطاني. لو تعلمون كيف أدار هؤلاء الثلاثة الحملة من الاتصالات والتجميع والتنادي والتخطيط والعلاقات العامة والتكتيك الأرضي، ووضع الآليات ورصد أماكن التجميع في المدن، والتنسيق بين الجمعيات.. لما صدقتم أنه عمل ثلاثة في أوائل العمر. "فهد" أعطيه معركة كاملة يديرها وأنا مطمئن، يتمتع بروح النظام الصارم، وإرادة قُدَّتْ من جلاميد البراكين، وذكاء قيادي، ورؤية واسعة في الحركة. كانت فرحته بأول شحنة جوية.. وكأنه وُلِدَ من جديد. "رانيا" معجزة تمشي على قدمين في التنظيم الميداني، والتأليف بين المجموعات، والرصد الفوقي والتحتي في آن، وتخليق الأفكار، وأكبر تخصصاتها: إعطاء الحلول الفورية للخروج من أي مأزق. "منال" (ادعوا لأبيها المريض) يسميها زميلها الفذّ "جمال العنزي" أم الأفكار الكبرى، هذه الفتاة لا ترى ولا تسمع إلا بالنشاط التطوعي، مخططة وواضعة للأنظمة الخاصة بانسياب العمل، وإبداعات التنفيذ، وملَكة نادرة بتفعيل العلاقات. فقط ثلاث عينات، ما رأيكم؟! *** * الكاتب الأستاذ "يوسف المحيميد"، له مقال في جريدة "الجزيرة" يوم أمس بعنوان "أين الشباب من الشورى؟" ولاحظ أنه لم يقل: أين الشورى من الشباب؟!. أبدى برأي جميل، جاء تماما في وقته، صحيح أنه يوجه رأيا للشورى من أجل مصلحة الأمة بتغذية داخلية من نسغ دم الشباب، ولكني لا أعتقد أن أنه فقط يُقْصِر رأيَهُ على "الشورى"، بل كل هياكل الإدارة الحكومية.. بلا استثناء. *** * الماردُ علينا أن نوقظه بعنايةٍ بأيادينا، قبل أن يقرر هو الاستيقاظ! في أمان الله..