** هناك من يعيش حالة فرح.. بما حدث ويحدث الآن في منطقتنا.. ** وهناك من يشعر بالخوف منه.. ** وهناك من يشعر بالقلق والتحسب مما سوف يؤدي إليه أيضاً.. ** وسواء كُنتَ من الفرحين.. أو الخائفين.. أو القلقين.. فإنه لابد من الاتفاق على أمور أساسية مهمة.. تتمثل في: ** الاعتراف (أولاً) بأن هناك أخطاء.. وأوجه قصور.. ومظاهر فساد حقيقي.. ** كما ان علينا الاعتراف (ثانياً) بأن هناك طامحين.. وطامعين في استغلال تلك الأوضاع واستثمارها لتحقيق خططهم وبرامجهم وطموحاتهم بصرف النظر عن النتائج المترتبة على تصعيدهم لحالة التوتر الراهنة إلى أعلى مستوياتها.. ** وإن علينا الاعتراف ( ثالثاً) ان هناك من يغمضون عيونهم عما يجري في تلك الأوطان.. وعما يتوقع ان يحدث في غيرها.. ** بل إن علينا ان نعترف (رابعاً) بأن هناك من يزيفون الحقيقة ولا ينقلون الصورة عن تلك الأوضاع وسواها.. كما هي.. وليس كما يتمنون ويريدون ويرجون.. ** وإن علينا ان نعترف (خامساً) بأن هناك من يبشرون بوقوع الأسوأ والأخطر.. وان اعتقدوا بأن ذلك سوف يكون في الصالح.. وفي تحقيق الخير.. والانعتاق لتلك الشعوب مما لحق أو يلحق بها من أضرار.. ** ولاشك ان هؤلاء وأولئك ليسوا جميعاً على حق فيما يأملون ويرجون .. أو يتوقعون.. ويخشون .. لسببين اثنين هما: ** ان التغيير وإن حقق بعض المطالب لبعض الشعوب.. الا ان تجاربنا التغييرية العربية - على وجه التحديد- قد اعطتنا الكثير من النتائج السلبية لأنظمة قامت على انقاض أنظمة سابقة.. وبدلاً من أن تقود مجتمعاتها إلى الخير.. وشعوبها إلى السلام.. فإنها (أفقرتها) و(أباحت) حرماتها.. وتحولت في ممارساتها إلى ما فاق الأنظمة (المستبدة) في ظلاماتها.. وقساوتها.. ** وان التحولات الدراماتيكية غير القائمة على منهجية وطنية واضحة ومحددة وغنية.. وأمينة.. وصادقة .. قد أخذت من الشعوب ما لم تأخذه مراحل سابقة.. ولم تعطها إلا الفتات.. وظلمتها كثيراً.. ** وللأمانة والحق.. ** فإن بعض المجتمعات قد شهدت تطويراً حقيقياً.. ليس فقط في مجالات حياتها الاجتماعية المختلفة وإنما في أنماط التفكير السائدة فيها.. لكن هذا البعض قليل.. ونادر.. ومحدود.. وانه ليس كل ما قدمه.. أو يقوم به.. أو يفعله كان محموداً أيضاً.. ** وبين هذه الحالة وتلك.. ** فإنه لابد وأن نقول: ان الوضع العربي برمته بحاجة إلى مراجعة شاملة.. وإلى تصحيح كامل.. وأنه قبل هذه المراجعة وذلك التصحيح لابد وان يحدث ذلك ، في حالات الصحو وفي ظل الاستقرار.. وفي إطار الحكمة والتعقل.. وليس في ظل الفوضى .. وإسالة الدماء.. وتدمير الدول.. وتعريض سلامة الشعوب لأخطار مدمرة.. ** ذلك ان الهدوء.. لا يعني القبول.. كما لا يعني الرضا في كل الأحوال.. ** وبالمقابل .. فإن التعبير عن الغضب .. أو التصرف بشكل غير مسؤول.. لا يعني ان ذلك وليس غيره هو الذي سيجلب لهؤلاء وأولئك السعادة والرفاهية والرخاء والعزة والكرامة وزوال الظلم بأشكاله وألوانه المختلفة.. ** ومن أجل ذلك فإن علينا ان نسلم في أوطاننا جميعاً بفرضية ( أن هناك أخطاء.. وهناك فساد.. وهناك تجاوزات.. وهناك استغلال.. وهناك انحرافات.. وانه ليس صحيحاً ان كل شيء على ما يرام.. وان علينا كدول وشعوب ان ننطلق من هذه الفرضية الاصلاحية .. وان نعمل معاً.. كتفاً إلى جانب كتف.. وبعقلانية متناهية.. وبرغبة حقيقية وصادقة.. لوضع اليد (بأمان) على كل الاختلالات.. حتى نضع لها حداً.. ونحول دون استمرارها.. وبذلك نصحح أوضاعنا.. ونعالج أوجه الاختلالات الموجودة فيها .. ونضع خُطانا على الطريق الصحيح.. ولا ندخل في انفاق مظلمة.. وغير مأمونة.. ** المهم هو .. ان تكون لدينا كدول وشعوب هذه الإرادة.. وتلك النظرة المسؤولة.. بعيداً عن العواطف والانفعالات.. والفورات الغاضبة وكذلك بعيداً عن استمرار حالة السكوت أو التوقف عن التفكير الجاد.. والتوجه بدلاً من كل ذلك إلى العمل المخلص والبناء من أجل سلامة الشعوب والأوطان. *** ضمير مستتر: **(بعض المغامرة مدمر.. وبعض الصمت لا يقل تدميراً للأوطان من الجنون).