** لابد من الاعتراف بأن لدينا مشكلة نقل جوي حقيقية.. ليس لأن "الناقل الوحيد" الخطوط السعودية أصبحت سبباً في محاصرة المواطنين في مدنهم وقراهم.. وحكمت عليهم بالإقامة الجبرية فيها وعدم التوجه إلى قضاء مصالحهم والتزاماتهم في مدن أخرى من البلاد.. فقط. ** وليس لأنها عجزت تماماً عن الوفاء بالتزاماتها تجاه نقل الزوار والمعتمرين من المملكة إلى بلدانهم.. وحصل ما حصل في مطار جده على إثر ذلك.. فحسب. ** وإنما لأن احتكار هذا الناقل للخدمة الجوية قد ضاعف المشكلة بسبب عدم وجود وسائل نقل أخرى. ** فنحن البلد الوحيد في العالم الذي كان يرفض فيه المسؤولون في وزارة المواصلات ثم وزارة النقل بعد ذلك.. فكرة إيجاد خطوط جديدة بين أرجاء البلاد القارة لأسباب "عجيبة" تتراوح بين الثقة المفرطة في قدرة الخطوط الجوية العربية السعودية على حل هذه المشكلة.. وبين القناعة بعدم جدوى اقتصادية المشروع برمته. ** ونحمد الله تعالى أن الملك عبدالله.. قد فطن مبكراً إلى وجود مشكلة في التخطيط وفي التفكير وفي إدراك حقيقة المصلحة الوطنية.. وفي إعطاء الأولوية لهذا القطاع.. فأخذ المشروع يتحرك بسرعة.. ويُؤذن بأن مشكلة خطيرة ستختفي خلال السنوات الثلاث القادمة إن شاء الله تعالى. ** ولولا هذه الخطوة المستوعبة لاحتياجات البلاد والعباد.. لكانت المشكلة بحجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأمنية. ** لكن هذه المعالجة.. وإن وفرت على البلاد وأهل هذه البلاد الكثير لصالح المستقبل.. إلا أنها أكدت مدى الحاجة إلى تصحيح أوضاع الناقل الجوي الوحيد.. فهي أوضاع لا تسر أحداً بالمرة.. ** وإذا كان هناك من يعتقد بأن الخطوط السعودية بخير.. رغم حالة الاختناق التي تتسبب فيها في الداخل.. ورغم المشاكل التي أورثتنا إياها مع الأخوة والأشقاء في الخارج.. فإنه لابد وأن يدرك أن الحقيقة شيء آخر، وأن سمعة البلاد، واحتياجات الوطن والمواطن لا تتحمل المضي في الخطأ إلى النهاية. ** فالخطوط السعودية - في الوقت الراهن - ليست هي المملكة العربية السعودية التي تشهد نمواً حقيقياً في كل مجال، إلا في مجال النقل. ** والخطوط السعودية - في الوقت الحاضر - ليست في المستوى الذي يليق ببلد طموح وبشعب يتحرك بسرعة.. وباستحقاقات تفرض عليها أن تصحح أوضاعها، أو تغلق أبوابها، وتترك المجال لقيام صناعة نقل جوي يُدار بمهنية وبمعايير اقتصادية، ووطنية، وتنافسية كبيرة. ** والخطوط السعودية التي تواجه مشكلة بيئة عمل داخلية غير صحية هي غير الخطوط السعودية التي كان الجميع - إلى وقت قريب - يتمنون الالتحاق بها والعمل فيها والتمتع بمزاياها. ** فهل حان الوقت لكي ندرك كل هذه الحقائق.. ونتخذ القرار الذي ينقذ هذه المؤسسة الوطنية الكبرى من الانهيار بعد كل هذا؟ ** أسأل الله وأنا أعرف أن في الخطوط السعودية رجالاً وكفاءات لا ينقصها الإخلاص، أو الكفاءة، أو القدرة، لكن ما ينقصهم هو الاعتراف بأن المؤسسة ليست في الوضع الذي يجب أن يستمر.. وإلا فإن الخلل سيكبر، والكوارث الإنسانية التي نخشاها سوف تقع في أي لحظة.. وعندها فإن الوقت سيكون قد فات على تدارك مآسيها. *** ضمير مستتر [** من الخطأ.. ألا نعترف بالخطأ.. لكن الأكثر خطأ هو الإيمان بأننا محقون وأن الآخرين على خطأ باستمرار]