د. عبدالعزيز جار الله الجار الله - الجزيرة السعودية لكل مدينة أو منطقة أو ناحية جغرافية وبيئية ذاكرة، والشيخ محمد بن ناصر العبودي هو ذاكرة بريدة وذاكرة القصيم هو سجلها التاريخي والجغرافي وهو بلداني بريدة ومدائني القصيم هو من قافلة البلدانيين العرب والعجم والرحالة المتشرقين الذين مروا على الجزيرة العربية في رحلات الحج والتجارة والاستكشاف. ففي مساء السبت الماضي احتفل وزير الإعلام معالي د. عبدالعزيز خوجه والنادي الأدبي بتكريم الشيخ محمد العبودي لمنحة جائزة كتاب العام في دورتها الثالثة 2010م عن كتابه «معجم الأصول الفصيحة الألفاظ الدارجة». والشيخ العبودي الذي تجاوزت معاجمه وكتبه ورحلاته المكتوبة (100) كتاب وعنوان ومازال يصدر الكتب ويؤلف أمده الله بالصحة والعافية وأبقاه الله لمحبيه وأهله وناسه ولمشروعاته... هذا الشيخ الجليل محمد العبودي كتب للقصيم ولناسها وجغرافيتها في معاجمه؛ المعجم الجغرافي ومعجم أسر بريدة والسلسة التي في صدد إصدارها عائلات وأسر عنيزة وجنوب القصيم، والرس وغرب القصيم، وعيون الجواء وشمال القصيم، والأسياح وشرق القصيم، لكنه لم يكن منغلقاً في فهم الحركة السكانية لأنه يكتب تاريخ الناس الثقافي والاجتماعي وحركة القبائل والسجل السياسي ويدون قصائدهم وهمومهم وأحزانهم وأفراحهم. وكيف أن الشيخ العبودي أوجد لنا ممرات حضارية حيث تحرك الناس والعائلات في هجرات شبه منتظمة عبر مسالك حضارية منذ التاريخ الحديث في القرن العاشر الهجري وقبل ذلك حركة السكان في عصور ما قبل التاريخ والعصر الكلاسيكي وعصر الممالك العربية قبل الإسلام وفي عصر الإسلام الذي شهدت الجزيرة العربية هجرات متتابعة لشعوب وقبائل باتجاه شرق العالم الإسلامي وبلاد الرافدين وبلاد الشام وحوض النيل لكن الشيخ العبودي ركز فيما يسميه أهل التاريخ فترة الظلام التاريخ حيث تغيب المدونات والكتب وتتوقف أقدام البلدانيين عن السير باتجاه وسط الجزيرة العربية... العبودي نبش الأرض والأوراق والوصايا والمديونيات والأشعار والمخطوطات ليكتب تاريخ القصيم وتاريخ الناس ممن استوطنوا بريدة وعنيزة والرس والمذنب والبكرية والبدائع والخبراء والنبهانية وعيون الجواء والأسياح وجميع بلاد القصيم وكتب أسماء وعائلات وقبائل من جاؤوا إلى القصيم من خلال المعابر الحضارية ومسالك الطرق والبيئات فمن مسالك حركة السكان إلى بريدة وعنيزة والرس والقصيم في فترة الاستقرار السياسي والحضاري الذي عاشته القصيم في القرن العاشر منذ بداية ظهور القرى النجدية المسورة مرت حركة سكانية من سدير عبر نفوذ الثويرات ونفود عريق البلدان ونتواءات وأودية المستوى.. ومن الوشم سلكت عبر منخفضات نفود السر وصعافيق ووادي الرشاء. ومن عفيف والدوادمي مرت عبر ممرات نفود العريق ووادي الجرير وجبال عسعس ووسط وجبلة وطخفة. ومن منطقة حائل عبر فرع وادي الرمة ووادي الشعبه والأطراف الشرقية لحرة خيبر وجبال الأبيض والأكليل وجبال رمان. ومن المدينةالمنورة من جبال العلم والتين ووادي الرقب والطرفاوي ومن بادية الركن الشمالي الشرقي للمملكة عبر نفود الدهناء والمظهور وواديي الباطن والإجردي .. فالعبودي مزج الناس بالجغرافيا وفتح معابر التواصل الحضاري.