حين قلت في مقال الأمس تعليقا على احتمال اتخاذ إندونيسيا إجراءات جديدة قد يكون منها التهديد بإيقاف استقدام عمالتها على خلفية بعض الحوادث الفردية، حين قلت: نحتاج إلى صدمة كبيرة تعيدنا إلى طبيعتنا وتنهي ترددنا في اتخاذ القرارات؛ لأنه لا يوجد شعب غيرنا يعيش عالة على غيره في إدارة شؤون المنزل والأولاد والتنقل ويوكل أمر أطفاله للشغالات ومشاوير أسرته للسائقين.... إلخ.. فاجأني بعض القراء برسائل تقول: وقعت يا شاطر.. أنت تلمح إلى إعادة فتح ملف قيادة المرأة للسيارة، وما دام الأمر كذلك عليك قراءة الخبر الذي نشرته الصحف (أمس) عن وفاة خمس فتيات وإصابة مثلهن بعد انقلاب السيارة التي تقودها إحداهن في منتزه الثمامة خارج الرياض.. إذا كن لا يحسن القيادة ويقدن بهذه الرعونة في البراري فكيف سيكون الحال لو سمح لهن بالقيادة في الشوارع المكتظة!!.. هكذا اختصر البعض قضية كبيرة متشعبة حاولت التطرق لبعض جوانبها بقدر ما تسمح به مساحة المقال، وحاول بعض آخر استرجاع المقولات الاتهامية إياها التي كانت تتردد عندما كان ملف قيادة المرأة للسيارة حديث الإعلام.. ونقول لهؤلاء: أولا، ادعوا بالرحمة لفتيات في عمر الزهور فاجأتهن حافة حادة تسببت في الحادث، وادعوا بالشفاء للمصابات، واسألوا الله أن يجبر خواطر أسرهن.. لا يصح أن تكون الحوادث المأساوية وسيلة للسخرية وتأكيد قناعات ومواقف مسبقة بلغة شامتة.. ثانيا.. حين قلت إننا في حاجة إلى صدمة تنهي ترددنا في اتخاذ قرارات مهمة، كنت أعني جملة من القرارات تعيد ترتيب وضعنا الاجتماعي الشاذ وتخلصنا من متاعب العمالة المنزلية الوافدة ومشاكلها المأساوية في كثير من الحالات.. نعم، موضوع قيادة المرأة للسيارة هو واحد من هذه القرارات وفق أنظمة وضوابط وتشريعات تحميها وتحمي السير والآخرين لكي تذهب إلى عملها وتصطحب أولادها إلى مدارسهم وتقضي مصالحها، وليس لممارسة التنفيس عن الشعور بالكبت والحرمان الذي أدى إلى قيادة فتاة مع زميلاتها في الصحراء بعيدا عن العيون ليتعرضن إلى حادث مفاجئ نتجت عنه الكارثة.. لم أكن لأتطرق للموضوع بسبب أحزانه التي سببها للجميع، فليس سهلا أن نفجع في عشر من فتيات الوطن بهذا الشكل، لولا إن الذين يتسلقون على المآسي والأحزان من أجل اختزال القضايا الكبيرة ما زالوا يفاجئوننا بمثل هذا الطرح الفج..