من العادات التي لا غنى عنها لدى الخليجيين بعامةٍ استقدام خادمة دائمة في المنزل؛ تكون هي الطابخة والراعية والحاضنة تقضي كل يومها في ملاحقة الأطفال، وفي الاطمئنان على البيت، وإذا كان الأوائل يقولون: "بيت ما فيه بقرة ... ما فيه ثمرة" فإن حال الخليجيين يقول: "بيت لا خادمة فيه ... لا ثمرة فيه". المشكلة الكبرى أن الأغلبية الساحقة من السعوديين لا يعطون الخادمة حقها، وبخاصةٍ حقّ الإجازة الأسبوعية، بل ويسحبون جواز سفرها، ومع كل تلك الاحتياطات تعتبر السعودية من الدول التي تنتشر فيها ظاهرة هروب الخادمات! السعوديون مؤخراً عبّروا عن "شرهتهم" على الفلبين التي وضعت شروطاً صارمة لاستقدام أي خادمةٍ من هناك، بل ونصّت بعض الشروط على نوعية الوجبات التي ستأكلها الخادمة! وأظن أن من حقّ الفلبين أن تشترط ما تريد، وفي نهاية المطاف هناك عرض وطلب ومن أراد هذه الجنسية أو تلك فليحترم الشروط. تخيلوا أن النساء الخادمات هنّ بناتكم، هل سترضون بأن يعاملن كما تعاملون خادمتكم الآن؟! لا أظنّ أن التعامل الذي يمارس مع الخادمات يمتّ إلى الإنسانية بصلة. لهذا اذكّر بقصة الخادمة الإندونيسية التي تم تعذيبها قبل أيام من قبل عائلة سعودية وصارت قصة الصحف ووكالات الأنباء في أنحاء العالم. نقلت BBC أن: "الخادمة سومياتي صالان وعمرها 23 عاما، في حالة مستقرة في مستشفى في المدينةالمنورة بعد أن ذاقت مرارة التعذيب، الأطباء القائمون على علاجها أكدوا أن الخادمة وصلت المستشفى وبها إصابات قطعية في الوجه وآثار حروق. وصرح مسؤول بالسفارة الإندونيسية بأن الشرطة السعودية ترجح تعرض سومياتي لتعذيب شديد". قال أبو عبدالله غفر الله له: بالتأكيد أن هذه الحادثة لا تعبر عن أسلوب تعامل مجتمع بأكمله مع الخادمات، لكنه في ذات الوقت يدقّ ناقوس الخطر إلى كارثة التعامل بالحديد والنار مع الخدم، لا نريد كشعب سعودي أن يذاع عنا في كل وكالات الإعلام ما يسيء، يكفي أن تهمة الإرهاب تطاردنا في كل مكان. إذا كان العالم قد شاهد مرارة التعذيب فهو لم يتمكن من مشاهدة الجانب المضيء لتعامل بعض السعوديين مع الخادمات، أرى بعض الآباء يشتري للخادمة ما يشتري لبناته من حلويات وآيس كريم؛ بل ويدخلها في جوّ حميمي أسريّ، هذا التعامل غفل عنه الإعلام لأنه ليس موضوعاً إعلامياً. أتمنى أن تكون هذه الحادثة استثنائية عابرة، وألا تشكل في قادم الأيام ظاهرة اجتماعية شاملة في المجتمع!