عندما جد الجد في تطبيق قرارات الدولة وجدنا أن بالإمكان الاستعانة بمعلمين سعوديين في حلقات تحفيظ القرآن في مساجدنا، قرار السعودة هذا مكث في أدراج المسؤولين عن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم بجميع المناطق منذ أكثر من ست سنوات، فالقرار أصدره سمو النائب الثاني وزير الداخلية في عام 1424، والسعوديون القادرون على أداء المهمة موجودون، فكليات الشريعة تضخ المئات سنويا وهم يبحثون عن وظائف ولا يجدون وهذا طبيعي لأن التعليم العام اكتفى منهم، ولا تؤهلهم شهاداتهم لغيره فلماذا لا تستفيد منهم جمعيات التحفيظ، بل إن حلقات التحفيظ نفسها لا بد أنها أنتجت أعدادا من حفظة القرآن طيلة العقود الماضية ويمكن الاستفادة من بعضهم ممن تحدد أو توقف جهدهم على حفظ القرآن فقط، ولم يتمكنوا من المواصلة التعليمية للحصول على شهادات تؤهلهم للعمل وأحسب أنهم كثر خاصة بعض أولئك الذين درسوا في مدارس تحفيظ القرآن الحكومية التي انتشرت في جميع مناطق المملكة بصورة سريعة جدا دون سبب واضح أو مقنع لجعلها بهذه الكثافة في جميع مراحل التعليم العام بنين وبنات مع أن المدارس الحكومية في التعليم العام بكل مراحلها تحتفي بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا، وهذا هو سبب التساؤل عن تمييز مدارس التحفيظ بخطط ومناهج وتسمية مستقلة، وعلى أي حال فقد بدأت الوزارة مؤخرا محاولاتها لإلحاقها بمناهج التعليم العام حتى لا يحرم طلبتها وطالباتها من الحصول على مستويات تؤهلهم لمواصلة تعليمهم مثل أقرانهم في مدارس التعليم العام الأساسية مع الحفاظ على تميزها في حفظ وتجويد القرآن الكريم، ولكن المهم الآن أن يستفاد من خريجيها وخريجاتها طيلة العقود الماضية ممن لم يجدوا عملا في حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ولن أنسى هنا موضوع المكافأة المتواضعة التي أصبحت حجة في وجه السعودة المطلوبة، فهذه المكافأة التي يقولون إنها لا تتجاوز 500 ريال هي في حد ذاتها تثير سؤالا مهما عن هؤلاء المتبرعين الصابرين عليها من المقيمين فكيف قبلوا بها ولماذا وهل تساءل القائمون عن جمعيات تحفيظ القرآن الكريم عن سبب قبولهم بها؟ لأنها قطعا غير كافية للحياة بكل مقياس، فكيف ولماذا صبروا عليها كل هذه السنين؟ وسأدع هذه التساؤلات الآن لانطلق إلى ضرورة إيجاد حل لموضوع المكافآت للسعوديين، فإما أن تكون الجمعيات قادرة على دفع مكافآت مجزية للمتفرغين أو تستعين بالعاملين من المعلمين والمعلمات في مدارس تحفيظ القرآن ومدارس التعليم العام وتعطيهم مكافآت رمزية للعمل خارج أوقات الدوام أو أي حل آخر قريب لأنه من غير المعقول أن يطلب وظائف رسمية من الحكومة لحلقات التحفيظ في ظل وجود مدارس حكومية تؤدي نفس الغرض. بقي أن أشير إلى أن كل الذين اعترضوا على القرار نسوا أو تناسوا أمرا مهما وهو لماذا لا يتبرع السعوديون المؤهلون ويقومون بالعمل في هذه الحلقات بدلا من الإخوة المقيمين الذين بعضهم بدون إقامات نظامية، وجميعهم لا يعقل أن الواحد منهم يستطيع أن يعيش بخمسمئة ريال وعلى هذا فهم متبرعون بالوقت والجهد، والمعترضون على السعودة يقولون: إنهم محتسبون أي لا يهمهم الدخل المادي، ولا يحبذون السؤال عن كيف يعيشون بهذا الدخل!! فلماذا لا يتبرع ويحتسب السعوديون، فهم إذا فعلوا يستطيعون لأن الحلقات تتم خارج أوقات دوامهم وهم لا شك مأجورون متى ما فعلوا، أليس تجاهل هذا الأمر يثير تساؤلات؟