..أولُ ما جاءني الخبر من جزيرة “فيجي”.. ولم أصدق، وأغرقني بحرُ الذهول! “غسان ح” من أصدقاء الفضاء الذين أصادفهم في رحلاتي الجوية، ومن مؤسسي العصبة الإسلامية بتلك الجزيرة النائية في القاع الجنوبي للمحيط الهادي. جاء صوتُه عبر الهاتف:”رأيتُ الخبرَ والفلم عن السجين السعودي حميدان التركي في موقع “سبق” السعودية، مبروك، روعة..” ماذا؟!! أعرف أن فريقَ العمل قد وافق أن لا يظهر الفلمُ إلا بعد تنسيقٍ لإطلاقه.. ثم جاءتني مكالمة من الشاب اللامع “عاصم الغامدي” المتخرج حديثا في جامعة الملك فهد: “(سبَق) نشرتْ خبرَ الفلم ورابطه في اليوتيوب. لقد وصل إليها بطريقةٍ ما خارج إرادتنا.” وكان لسبَق فعلا السبَق! وعاصم يقول لي إن “سبَق” نشرت قبل لحظات، ووصل العدد لقرابة العشرين ألف قاريْ، عجيب؟ والعجيب الذي لم أقله أنا لعاصم: أن الفلمَ علمت عنه من أقصى أقاصي الأرض.. بعد دقائق من نشره! القصة بدأت عندما دعوتُ في مقال بعنوان “أيها الفيسبيكيون، حملة بعنوان: أوباما أطلق حميدان”.. وأطلب أن تقوم حملة يشارك بها الشبابُ السعودي لتوجيه رسالة لرئيس أمريكا “باراك حسين أوباما” للعفو عن السعودي السجين حميدان. ومن ذات المحيط البعيد، تأسست أول صفحة على الفيسبوك. قرأت الفتاة السعودية مبتعثة الماجستير “سحر الشريف” المقالَ، فأرسلت لي رسالة عن عزمها بإنشاء الصفحة. راسلتني “سحر” بعد أيام تشكو بان العددَ بالصفحة لم يصل إلا إلى 1600 شخص، وقلت لها: “إنى أرى الرقمَ كبيرا، وهؤلاء سيجلبون أضعافا.” وهذا ما كان.. وكأن حلماً مطويّاً ينفرد أمامنا ليتحقق واقعاً. ولكن أبطالاً، هم هدايا من السماء فعلوا ما تفوّق على الحلم ذاته.. هاتفني “عاصم الغامدي” يريد أن يكون المشروعُ فلما بخمس دقائق، ولكم أن تتصوروا ما صار: في حفل المجاميع التطوعية في معرض زيت أرامكو بين الفقرات اجتمعنا عاصم والشاب المخرج والمنتج والمصور “المهند الكدم” وأنا نحو نصف ساعة، لم نتكلم عن المشروع.. بل خرج المشروع كاملا: من موارد التمويل، وآليات التصوير، والشخصيات المشاركة.. وجدول العمل. في اليوم التالي كان فريقُ العمل قد بدأ.. فريقُ العمل هم كراماتٌ على الأرض وهدايا السماء، حبيبُنا “عبدالله آل عيّاف” وراء سيناريو الفلم، وظهرَ خطُّه الجميلُ في رسالة حميدان لأمّه الذي قرأها بالفلم بعذوبةٍ تذيبُ قلبَ الصخر أخونا المتألقُ “تركي الدخيل”. وكان في الجرافيك الشابان علاء المكتوم ويزيد السويلم، وعاصم البني في توزيع الصوت، وأحمد نور للهندسة الصوتية، وكان سعود الذيابي صاحبَ الصوتِ الرخيم الذي صاحب مشاهد الفلم وكان أداؤه متميزاً بسرد قضايا العفو في الرئاسات الأمركية، والتي خرجت بمقال لأخينا الحبيب “عبدالله العلمي”، وكان مقالَهُ قد ضُمِّن في مقالي الذي خرج بعنوان “أوباما أطلق حميدان”.. وتعجّب لما استأذنته لخروج المعلومات في فلم، ليردّ بأنه أقلّ واجبٍ يؤديه لواحدٍ من أبناء وطنه. كان دور الدكتور “سلمان العودة” كبيرا ليس في الظهور البازغ فقط، بل في الوقوف مع فريق العمل عند كل إشكاليةٍ شرعيةٍ ورعى الفكرة بقلبه وعقله. والشيخ “حسن الصفّار” بادر بالمشاركة متحمسا شارطا ألا يسبق الشيخَ العودة، وألا يفصل بينهما فاصل.. وتوّج مبادرتَه بأن ترك حفلَ زواج ابنه ليسجل مقطعه في الفلم. واللاعبُ الخلوق الذكي “نواف التمياط” تحدث قلبُه قبل لسانِه. واتصلت وكالة رويتر بفريق العمل عارضة عليهم توزيع الفلم عبر القنوات الإعلامية وإلى أكثر من خمسمائة محطة على الأرض. ثم ظهر المقالُ في موقع “العربية”.. كله في ساعات! ويخبرني عاصم بأن موقع اليوتيوب شهد أكبر مشاهدة قياسية حتى الآن. بنت حميدان الصغيرة كانت وردة الفلم ومعناه ومغزاه.. ودُمَيْعاتُها النقط الكبرى في حروف الرسالة إلى باراك حسين أوباما!