تنتابنا ونحن نخوض معترك الحياة ... لواعج الشوق نقتات منها لنرطب ماجف من لحظاتنا ونختزنها لنقوى على السير في دروب الحياة. كم من فرحة وكم من ترحة عبرت فلمحناها في الدرب وبدت نواجذنا جذلا أو هطلت دموعنا حزنا. رمضان قد أزف رحيله وكان بالأمس قد بدأ تزفه لواعج الشوق .. أما الآن فقد تصرمت أيامه وخفت بريقه وأزف على الرحيل. الشوق والأمل محطات نتجاوزها في مشوار الحياة الطويل القصير تنير لنا ظلام الأنفاق ونستنير بها في مدلهمات السوانح وتعرجات المعاناة. شوق وشوق ، وشوق دون شوق، وشوق مثل شوق. ماأجمل أن يحلق الإنسان بروحه في ملكوت الله يسمو على ماديات الحياة، ورغبات النفس ليعانق اللذة الحقيقية وهو يستقبل موسما من مواسم الخير يعيش بروحه ملاكا طاهرا يستنشق عبير الرحمات ويميد في لذائذ الطاعات ينتقل من لون إلى لون مستغرقا في لذة لايحصل عليها إلا القليل القليل. لواعج الشوق أضرمت نيرانها صدق الموالاة وقمة العبودية للخالق العظيم المتفضل المنعم. ماأجملها من لحظات ونحن نعايش الرحمات والنفحات في مشهد لايتكرر إلا مرة في العام نستشعر فيه غذاء الروح ونحس فيه بمعاناة الفقير العاجز. وماأعظم الشوق إلى لقاء الله والفرح بلقائه عندما تنقضي تلك الأيام ويحين الرحيل فتعلو وجه المؤمن وفرحة عارمة بذاك اللقاء وفرحة غامرة بفطره بعد امتثال لأمر خالقه. لواعج الشوق ولا يحسها من قضى نهاره في سبات وليله في لذات، فما أسهل الامتناع عن الأكل والشرب والاستمتاع بلذيذ المنام وماألذ التمتع بغذاء الروح الذ لو علم به المحرومون لجالدوا أصحابه بالسيوف.