لا أعتقد أن أي ضيف من ضيوف برنامج "البيان التالي" الذي يقدمه الإعلامي عبدالعزيز قاسم على قناة "دليل" الفضائية، وضع يده على "جرح" البرنامج، كما فعل ضيف الحلقة السابقة سليمان الضحيان، وذلك عندما سأله قاسم بنشوة كما يفعل مع جميع ضيوفه عن رأيه في نتيجة الاستطلاع الذي يوضع في بداية البرنامج، والذي عادة تكون نتيجته فوق 90% ضد طرح الضيف إذا كان مخالفا لرأي معدي ومقدمي البرنامج. وخصوصا عندما قال قاسم إن 90% من المصوتين يرون أن الخطاب التنويري السعودي "خطاب تغريبي بلبوس إسلامي". حيث رد الضحيان بهدوء وثقة عكس الكثير من الضيوف السابقين بأن "هذه الإحصائية من باب الفنتازيا، لأن الفكر لا يعرض للتصويت، الفكر يعرض للنقد والمدارسة، الذي يعرض للتصويت هو الانتخاب على قضية بناء مستشفى أو طريق أو رأيهم في عمل بلدية". ثم ضحك ولمز لقاسم بأن "الاحتساب" واضح جدا في مثل هذه الاستطلاعات. ولأن الضحيان لم يصدر فتوى فضائية عابرة للقارات كما يفعل معظم ضيوف قاسم ربما بحكم أنه كاتب ومفكر فقط حول مدى جواز "الاحتساب" في مثل هذا التصويت الذي يعتمد على الرسائل النصية القصيرة التي تتقاسم غلتها شركات الاتصالات وقناة "دليل". فإنني أتمنى من قاسم أن "يحتاط" لنفسه وللقناة بسؤال أحد المفتين عن الحكم الشرعي في "أكل" أموال المحتسبين عن طريق ال"sms". ففي اعتقادي أن قضية مثل هذه تحتاج إلى وقفات جادة من قبل العلماء والمفكرين، لأن النقاش العام حول قضية فكرية أو علمية دقيقة، الذي يشارك فيه من لا يعرف حتى المعنى البسيط للمصطلح المطروح مضيعة للوقت، وتضليل للمجتمع الذي أصبح يعاني جدا من تلقف الأذان لمصطلحات فكرية من هنا أو هناك، ثم بناء الأحكام "السماعية" حولها، أو السير في ركب "أحدهم" وجد نفسه في لحظة ما منظرا أو مفتيا أو عالما أو إعلاميا لسبب أو لآخر، مع أن هذا ال"أحدهم" قد لا يفرق بين "الضاد" و"الظاء".